من انتصر على من فى موقعة العباسية؟ من الرابح ومن الخاسر فى «الريدانية» والدم الذى سال دم من؟ العدو أم الأخ الشقيق؟ الوطن الذى اختفى علمه وارتفعت بدلا منه الأعلام السوداء من يذبحه؟ ومن يريد استباحته وضياعه؟
تلك هى المأساة والفتنة التى نعيشها الآن والتيه الذى يشدنا إليه بلا عودة، والنفق الذى نسير فيه وليس فى نهايته ضوء، وتلك هى الأسئلة الضالة والحائرة والقلقة على مصير هذا الوطن.
فى مثل هذه الظروف الصعبة والأوقات العصيبة التى نحن فيها الآن نبحث عن ملجأ للكلمات الزاعقة الصارخة فى وجه العدم.
وليسمح لى القارئ العزيز أن أستعير بعضا من نص رائع للشاعر العربى الفلسطينى الكبير محمود درويش كتبه فى أحداث الاقتتال بين فتح وحماس عام 2007 بعنوان «أنت منذ الآن غيرك» لتعبر عما نحن فيه الآن. يقول درويش:
«هل كان علينا أن نسقط من علو شاهق؟ ونرى دمنا على أيدينا.. لندرك أننا لسنا ملائكة.. كما نظن؟ هل كان علينا أيضا أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ كى لا تبقى حقيقتنا عذراء؟
كم كذبنا حين قلنا نحن استثناء
أن تصدق نفسك أسوأ من أن تكذب على الآخرين
أن نكون ودودين مع من يكروهننا وقساة مع من يحبوننا
تلك هى دونية المتعالى
وغطرسة الوضيع
أيها الماضى لا تغيرنا كلما ابتعدنا عنك
أيها المستقبل لا تسألنا من أنتم
وماذا تريدون منى
فنحن أيضا لا نعرف
أيها الحاضر تحملنا قليلا فلسنا سوى عابرى سبيل ثقلاء الظل
الهوية هى ما نورث لا ما نرث ما نخترع، لا ما نتذكر، الهوية هى فساد المرأة التى يجب
أن نكسرها كلما أعجبتنا الصورة
«أنا والغريب على ابن عمى وأنا وابن عمى على أخى وأنا وشيخى على أنا، هذا هو الدرس الأول فى التربية الوطنية الجديدة فى أقبية الظلام
من يدخل الجنة أولا؟ من مات برصاص العدو أم من مات برصاص الأخ؟»