التيارات الفكرية الإسلامية تحتاج إلى من يرصدها ويدرسها للتطوير الإيجابى منها ونقد وتصحيح السلبى فيها، ويمكن تقسيمها إلى خمس تيارات رئيسية أوجزها فيما يلى:
1- تيار الانتحار: وهو يبدأ بالتكفير وينتهى بالتفجير وهو لا يؤمن بالتعددية الفقهية أو السياسية وكل خلاف فى الرأى معه هو «كفر وإيمان».. مع أن الخلاف فى الفرعيات كان عند الصحابة والسلف هو «راجح ومرجوح»، وهذا التيار أقام قطيعة مع مجتمعه المسلم.. ويعتقد أنه يعيش فى جاهلية محضة، وليس له دواء إلا إشهار السيف.. لا يفرق بين مسالم ومحارب ولا بين أبى جهل وأبى طالب.. يحول الجهاد من وسيلة إلى غاية.. ويضع السيف دوما ً فى المكان والزمان الخطأ.
2. تيار الاجترار: وهو يريد أن يعيش فى الماضى وحده وينكفئ عليه، ويعتقد أن الرشد قد انتهى عند السلف، وأنه ما ترك الأول للآخر شيئا.. يهتم بالواجب غافلا ًعن قراءة واقعه.. يقبع فى الماضى دون أن يقرأ الحاضر أو يستشرف المستقبل.. ينسى أن الإسلام وعلماءه يعطون فى كل عصر ومصر، ولا يتوقف عطاؤه عند جيل واحد فلكل زمن علماؤه وقادته الذين يحلون مشاكله.. ينسون قول الله تعالى: «ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ» الذى يذكرنا بأن العطاء ليس مقصورا ًعلى الأولين.
3- تيار الاشتجار: وهو الذى يبحث دوما ًعن المختلف فيه ويعظم من شأنه ويقلل من شأن المتفق عليه ويعقد على المختلف عليه رايات الولاء والبراء ويضيق على الأمة ما وسعه الله عليها ويخالف قول السلف بأن الحق يتعدد فى الفرعيات، ويدعى أن رأيه فى الفرعيات هو كبد الحقيقة.. لا يراعى آداب الاختلاف.. يهيل التراب على كل من اختلف معه حتى لو كان عالما عظيما ً أو فقيها ًمتميزا.. ينسى أن المتفق عليه أكثر من المختلف فيه.
تجد منهم من ينصب الفاعل ويرفع المفعول ويسب أبا حنيفة والقرضاوى وابن باز والعلماء قائلا ً«هم رجال ونحن رجال» وكأننا فى معركة على الذكورة والفحولة.
4. تيار الانبهار: وهو الذى انبهر بحضارة الغرب فلا يرى الخير إلا فيها.. يأخذ منها الصالح والطالح حتى الذى أثبت علماء الغرب ضرره وفشله.. يقلد الغرب فى فصل الدين عن الحياة وحصر الدين فى المساجد والعبادات ويأخذ السلبى منهم فى الوقت الذى لا يصنع فيه سيارة ولا طائرة ولا صاروخا.. لا يأخذ منهم العدل مع شعوبهم أو قوة جيوشهم أو تقدمهم العلمى وصدق إقبال فى قوله عنهم: «أنهم أشبه بمن يريد أن يجدد الكعبة فيجلب لها الحجارة من أوروبا».
5- تيار الاعتدال: وهو الذى أخذ بالوسطية الإسلامية فرفض الإفراط والتفريط.. والغلو والتقصير وجمع بين الواجب الشرعى والواقع العملى جمعا ًلا يخل بأحدهما، وبين حاكمية الله وحاكمية البشر الراشدة المنبثقة من حاكمية الله، يبشر ولا ينفر، يدعو ولا يقسو، يصدع بالحق ويرحم الخلق، يستفيد من الكتاب المسطور «القرآن» و«المنظور» الكون، يحترم حريات الناس.. يقيم العدالة الاجتماعية.. يعطى للأديان الأخرى حرية العقيدة والعبادة والشعائر حتى لو كانت تخالف عقيدته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة