علينا أن نقف أو نجلس انبهاراً بقدرات الأستاذ حازم أبوإسماعيل، ونعض أصابع الندم، لأننا خسرنا مرشحاً، يمكنه القضاء على علم الكلام، وإعادة تربيع الدوائر السياسية، وتبطين دواخل الاكتناه التكتيكى. وكل من تابع لقاء حازم أبوإسماعيل مع يسرى فودة اكتشف أن حازم يمتلك قدرة هائلة على توليد الكلام، والتجول فى العبارات، والدخول فى طرق دائرية متوازية، ونفى «إثبات أنه لايقول أى حاجة».
«لازم» قدم واحدا من أغرب «الشوهات»، ولهذا فإن المشاهدين تركوا مرشحى الرئاسة المؤكدين، وتفرجوا على مستبعد «حازم»، رهاناً على أنه قد يقول جديداً، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام شخص دائرى مستطيل يربع الكلام مثلثاً.
يسأله يسرى: هل كنت عضوا فى الإخوان، يرد أنه كان يراهم ويجلس معهم، لكنه لم يكن منظماً، يقدم له يسرى أقوال المرشد السابق مهدى عاكف وغيره، أن حازم كان عضواً واستقال ليترشح، فيرد أنه لم يقل أنه لم يكن عضوا، لكنه كان هناك، ولم يكن تماما معهم. ولا يتذكر لأنه كان صغيراً. فيرد يسرى: لا إله إلا الله.
وعن تصريحات أحد مشايخ السلفية بأن من لا ينتخب «لازم» يكون خارجاً عن الدين والشريعة، رد حازم بأن الفرنساويين انتخبوا الاشتراكية، ولايمكن القول أنهم كفروا بالليبرالية. ليؤكد دائريته المتوازية.
ثم يقدم له فودة أوراق الخارجية المصرية والأمريكية عن جنسية والدته، فيقول له إنه حاصل على حكم قضائى عبقرى، يؤكد «عدم سلبية الأوراق المختومة التى لاتثبت أن والدته ليست غير حاصلة على غير الجنسية، وأن الداخلية ليست هى الخارجية لأنها ليست قنصلية». فيقول يسرى فودة إن الحكم يتحدث عن قرار سلبى، وإن الأوراق تؤكد أن والدته حصلت على الجنسية، فيعود حازم ليقول إن الأوراق ليست هى الأوراق، وإن الحاجات ليست الأشياء، لأن ماهو كائن غير ما هو موجود. ولم ينس أن يقول على من انتقدوه، أنهم يتصلون وأنه لا يوافق على اتصالاتهم. وأن ضحايا العباسية من حقهم الغضب من أجله، لكنه لم يقل لهم اقتلوا أنفسكم. لأنهم ذهبوا ولم يروحوا. وأن من يتوفى ليس بالضرورة أن يموت.
وما طلعنا به أن حازم لم يكن عضوا فى الإخوان بصفة مراقب، وأننا خسرنا مرشحاً رئاسياً، كان يمكن أن يدخل يدفع الأمم المتحدة للاستقالة، ويضطر أمريكا لعمل أختام نسر، ويوفر 80 مليون جلطة، ويفوز بجائزة «بوستر» للخطابة، و«اللكلكة والحنكشة». وهذا سر انبهار بعض أنصاره به، ودفاعهم عنه ومهاجمة من ينتقد أراءه الدائرية المربعة، لأنهم من هواة حل الكلمات المتقاطعة، وتعذيب الذات.
حازم لم يكذب، لكنه «لم يقل ليس الحقيقة التى تختلف عما كان، ويمكن اعتباره ليس أقوالاً، لا يمكن تصديقها».