مثلما يحدث أن يفوز مرشحو التغيير فى انتخابات الرئاسة، ويخسروا فى نفس الوقت، يمكن أن يفوز تيار بالأغلبية ويعجز عن توظيفها، ليجد نفسه تحت سيف التصويت العقابى.
لقد حصل مرشحو الإخوان على ما يقرب من 11 مليونا فى انتخابات مجلس الشعب، مقابل 5 ملايين صوت تقريبا فى «الرئاسية»، بينما ذهب 9 ملايين صوت لأبى الفتوح وحمدين، وخسرا، بما يعنى أن الناخبين لا يصوتون للجماعة أيا كان مرشحها.
لا يمكن تجاهل تأثير أداء نواب الأغلبية فى البرلمان على الصورة السياسية. قد يرد البعض أن وصول مرشح الجماعة للإعادة فى حد ذاته فوز، دون أن ينتبهوا إلى صعود مرشح النظام السابق، فى إشارة لتصويت عقابى ضد الجماعة مثلما كان يحدث ضد الحزب الوطنى ويصب لمرشحى الجماعة.
هناك حالة إنكار لدى الجماعة، يصر قياداتها على تعليق المسؤولية على شماعة الإعلام. مع ضرورة الاعتراف بأن نواب الجماعة فازوا فى انتخابات أكثر نزاهة من الوطنى، لكنهم أغلبية وعليهم أن يتحملوا النقد والغضب.
كان المتوقع من الإخوان أن يسعوا لتشكيل جبهة من المعارضين والتيارات المترددة أو الخائفة أو التى تحمل شكوكا، لكنهم نقلوا إلى الآخرين تأكيدا لهم فقد استأثروا باللجنة التأسيسية، ورفضوا كل الأفكار والأطروحات.
كانت مطالب الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية، تجمع ثلاثة أرباع المواطنين، لكن ما جرى أنهم حاولوا الحصول على أغلبية من البرلمان وأغلبية اللجنة التأسيسية بل الجمع بين رئاسة البرلمان والتأسيسية، وعندما صدر حكم أبطل التشكيل، داروا ولفوا حول الأمر، وعطلوه وبقى الدستور، وهو مربط الفرس، عائما وغير محدد. لا صلاحيات للرئيس القادم، ولا فصل بين السلطات. وكان فرصة ضائعة أخرى.
وأمام سوء أداء البرلمان كانت حجتهم أن المجلس العسكرى يعرقلهم أو أن هناك قوى ترفضهم، دون أن يفكروا فى كون الحزب الوطنى كان يتحجج ويتهم الآخرين. دور الأغلبية هو اختراق الخصوم وإقناعهم أنهم لم يكونوا على حق عندما لم يصوتوا. لكن ما يجرى أن من يحصل على الأغلبية يستأثر بالقرار ويبقى الآخرون فى مواقع المتفرجين.
ولا يمكن تقبل القول بأن الفلول يتجمعون، مع علمنا أن الحزب الوطنى لم يكن له قدرة على الحشد، وإنما قدرات على التدخل والتزوير وتسويد البطاقات، فهل يمكن أن تكون الفلول أقوى من الأصل. فضلا عن خطأ اعتبار كل مواطن يشعر بالحيرة ضمن الفلول.
ربما يكون فشل ائتلافات وتيارات الثورة فى التنسيق، وعجز الأغلبية عن التوافق، هو السبب وراء تصويت عقابى، ربما يكون قابلا للنمو، حيث يصل شعور للكتل العائمة من الأغلبية، أنه لا فرق بين التيارات، وأنها جميعا تسعى للسلطة كغاية وليس وسيلة للديمقراطية وإعادة صياغة النظام ليكون أكثر عدالة؟.
هناك مفارقة.. أن يكون تيار قادرا على الربح فى صناديق الانتخابات دون أن يكون قادرا على توظيف هذا الربح، أى أنهم ناجحون فى التكتيك فاشلون فى الاستراتيجية، وفى التوافق.