أعتقد أن ما دفعنى أمس الأول إلى كتابة مقال بعنوان «مصر تبحث عن مؤلف» حاولت فيه وصف حالة الارتباك التى تشهدها البلاد حاليا وتناحر أصحاب المصالح قد يكون هو الدافع نفسه الذى جعل الإعلامية لميس الحديدى، تستضيف الدكتور محمد البرادعى فى أول ظهور له بعد عودته إلى القاهرة، فى محاولة لفهم ما يدور حولنا، ورغبة فى قراءة حقيقية للمشهد السياسى المتأزم، من خلال رجل يعتبره الكثيرون ذا ثقل ويعطون كلامه الكثير من الأهمية، حيث إنهم يرون فيه المخلص أو المنقذ، الذى كان يملك الرؤية لإنقاذ مصر من حالة الفوضى التى باتت تحكمها.
وبصرف النظر عن تقييم الرجل، فقد تحدث البرادعى بكل وضوح وبشكل محدد عن القضايا السياسية التى تشهدها مصر وعن كافة أطرافها حيث أكد المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ووكيل مؤسسى حزب الدستور «تحت التأسيس»، أن الشباب فى حقيقة الأمر لم يديروا ثورتهم، وقال إن: «ما نحن فيه الآن يعود إلى أن الثورة لم تقم بإدارة نفسها وهذا خطأ الثوار، لأنهم لم يتفقوا، مؤكدا أن قوة الشباب فى وحدتهم، قائلا : هذا شعارى.
وأضاف البرادعى فى لقائه مع الإعلامية لميس الحديدى مقدمة برنامج «هنا العاصمة» مساء أمس الأول: أن الخطأ الحقيقى هو أن الثورة لم تدر نفسها فى عام ونصف. ويجب أن يقوم الشباب بالعمل السياسى، متسائلاً: «كيف يقول المجلس العسكرى أنه حمى الثورة ونحن لم نر محاكمات لمن قتلوا الثوار؟»، مضيفاً: «حاولت أقود الثورة، ولكن الشباب تفرّق بعد الثورة».
ووصف البرادعى الصراع بين السلطات الثلاث فى مصر بـ«وصلات ردح» لأن ما يحدث يؤكد أن البلد الآن «مالهاش صاحب»، مؤكداً أن السياسة هى عدم المساومة على المبادئ، والثبات على المبدأ هو طريق الوصول للمراد.
ورفض البرادعى فى حديثه إلى لميس أن يكون جزءا من اللجنة التأسيسية بتشكيلها الحالى إلا إذا توافرت لديه الصلاحيات، وقال: «قررت عدم الحصول على منصب وضميرى مستريح ولن أنضم للجنة التأسيسية للدستور». إلا إذا تم الالتزام بمعايير تراعى المصلحة المجتمعية».
أما عن قضية تطبيق الشريعة الإسلامية فقال البرادعى: لدينا شيزوفرينيا فنحن نريد الاحتكام لمبادئ الشريعة الإسلامية بالدستور ولم نفكر فى تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية على الأرض، منتقدا ما دار بالبرلمان من مناقشات وحديث عن ختان الإناث وزواج الفتيات الصغار معتبرا ذلك «جريمة»، مؤكداً أن حذف كلمة «مبادئ» من المادة الثانية سيزيد من تأزم الوضع.. وسيفجر الخلافات.
وأضاف البرادعى: أملى ليس كبيرا فى صياغة الدستور الجديد. قائلا: آمل أن يجانبنى الصواب مستقبلا، ولكن الوضع الحالى بتأسيسية الدستور سيدخلنا فى صراع لا ينتهى».
تحدث الرجل بكثير من الصراحة خلال اللقاء، وأكد أن فكرة المجلس الرئاسى التى يطرحها الخاسرون فى سباق الانتخابات الرئاسية فات وقتها وكان المفترض أن تطبق مباشرة بعد الثورة.
وعندما سألته لميس أن الظروف تقتضى عليه أن يقود المسيرة، وأن يمسك بزمام الأمور فاجأنى الرجل بتواضعه واتساقه مع نفسه، حيث قال لها أنا أملك الرؤى والإخلاص ولكن أريد من يقود معى، البرادعى يعرف جيدا أين يقف وماذا يريد ويعرف إمكانياته وطموحه فلماذا الإصرار على الدفع به إلى القيادة، قد يكون رجلا يجيد التفكير أكثر، ويحتاج إلى مساعدين ومعاونين يملكون إخلاصه، وعلينا أن نضعه فى المكانة التى يريدها دون أن يتم تلويثه، أو الدفع به إلى حيث لا يرغب.