الموضة هذه الأيام كلما اختلف مواطن مع آخر فى الرأى، يسارع بوصف الآخر بأنه حمار، فى الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، أصبحنا نسمع كلمة حمار أكثر مما نسمع كلمة ديمقراطية، وقبل وبعد الإعادة وخلال أى مناقشة بين اثنين، سيكون ثالثهما الحمار.
فى المرحلة الأولى لانتخابات الرئاسة عندما كان هناك 13 مرشحا، منهم خمسة على الأقل كل منهم يثق فى أنه الفائز ويرى منافسيه إما مش فاهمين وإما «حمير»، ولم تخل المعارك بين ألتراس المرشحين من تبادل «الحمير»، فى وصف بعضهم البعض.
واكتشف هؤلاء الذين كانوا يمتلكون اليقين الانتخابى والتحليلى والتكتيكى، أن توقعاتهم نزلت أرضا، ولم يتوقع أيهم أن ينتهى الأمر بالإعادة بين مرسى وشفيق. النتيجة جاءت على العكس من التوقعات، وفشل المرشحون الذين ليسوا حميرا فى الوصول إلى الإعادة، لأنهم ضيعوا فرصة الاتفاق مثل الحمير، وبدلا من أن ينتبهوا إلى خطئهم فإذا بهم يصفون من صوتوا لهذا المرشح أو ذاك بأنهم حمير، مع أن الحمير لا تتصارع مع بعضها، ولا تمارس الابتزاز ولا تطالب بإلغاء المباراة بعد لعبها، والحمير لا تملك يقينا ولا تفعل الشىء وعكسه، بل إنها تنهق نهيقا واحدا، بينما عند السياسيين لكل مقام نهيق.
المثير أن وصف الحمار امتد إلى الناخبين ضمن مرض أصاب السادة المرشحين وأعوانهم ، بدلا من أن ينتقدوا أنفسهم وأخطاءهم فإذا بهم يتهمون الشعب نفسه والناخبين بأنهم حمير، لأنهم لم يصوتوا لمرشح بعينه، وقد قرأت وسمعت من يقول إن من انتخبوا أحمد شفيق حمير ويرد عليه آخر بأن من انتخبوا مرسى هم الحمير، أى أننا انتقلنا إلى اتهام الشعب بأنه لا يفهم ولا يعرف وأن بعض كبار المستحمرين يظنون أنهم يعلمون أكثر، وأن الشعب يجب أن يستمع إليهم، لمجرد أنهم من ذوى الآذان الطويلة.
كل هذا الاستحمار فى وقت لا يكف الجميع عن مضغ كلمة ديمقراطية وحرية، بينما التسلط يتمكن من الجميع ويحولهم إلى كتل من الغرور تتهم الشعب بعدم الفهم حتى يخفوا جهلهم وغرورهم ونقص الديمقراطية فى عقولهم.
الحمير تخجل مما يفعله السياسيون والزعماء منذ شهور، وبعض من يحملون بطاقة النخبة، وإذا تفرجت الحمير على معارك النواب مع بعضهم وغيرهم، أو فى البرلمان والقضاء، أو المرشحين الخاسرين، وحتى التراس المرشحين الحاليين، سوف تشعر بالفخر لأنها حمير، وسوف تنهق بشدة عندما تجد مرشحا أو سياسيا يشبه زميله بأنه حمار. فالحمير لا تعرف الاستراتيجية والتكتيك، ولا التوك شو، ولا تعرف الاحتكار والمؤامرات، ولم نسمع عن حمير فازت بأغلبية واستأثرت بالسلطة، ولا حمير ترفض التوافق مع باقى الحمير ولا حمير تكفر وتخون بعضها، ولو كانت الحمير مكان السياسيين والنواب لكانت انتهت من وضع الدستور، وما ضيعت الوقت فى نهيق انتخابى أو برلمانى أو رئاسى.، لأنها حمير، ترفض الاستحمار من جحوش السياسة.