البعض الآن يريد عمل مجلس رئاسى يضم د. أبوالفتوح وصباحى وآخرين، والبعض يطرح أن يتم تنصيب رئيس لمدة عام واحد حتى تتم كتابة الدستور، ثم تتم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة. هذه كلها أفكار تطرح الآن بقوة على الساحة السياسية المصرية وكلها تناست تلك القاعدة التجارية وهى «البضاعة المباعة أو المستعملة لا ترد ولا تستبدل» فكل القوى السياسية وافقت على إجراء الانتخابات الرئاسية وقبلت بها حتى إذا ما أتت هذه النتيجة التى لم تكن تتوقعها، إذا بها تريد إعادة الثوب بعد استعماله لمدة عام ونصف جرت فيها الانتخابات البرلمانية بغرفتيها الشعب والشورى، وجرت فيها الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية وبعد ذلك يريد البعض إعادة العجلة إلى الوراء، ناسين أن الزمن لا يصلح أن يعود إلى الوراء أبدا.
الإسلاميون والثوار يكادوا يتميزون غيظا من اقتراب شفيق من سدة الرئاسة. وعليهم أن يلوموا أنفسهم قبل أن يلوموا غيرهم فلو توحدوا جميعا خلف مرشح واحد مثل د.أبوالفتوح أو د. العوا أو د. مرسى أو صباحى ورضى الباقون أن يكونوا نوابا له لجمع قرابة 13 مليون صوت، ولكان لدينا رئيس مدنى منتخب انتخابا حرا، ولكن كل واحد منهم ركب رأسه ولم يقبل إلا أن يكون رئيسا وظن كل واحد منهم أنه يمكنه الوصول بمفرده إلى الرئاسة فخسروا جميعا وضاعت على الإسلاميين والثوار فرصة العمر الذهبية التى قد لا تأتى إلا بعد وقت طويل، وقد تعلمت من المعتقل قبول المتاح والرضى به والبناء عليه، وأن من أراد كل شىء فقد كل شىء، والغريب أننا لا نحسن استغلال الفرص المتاحة ثم نلقى باللائمة على الآخرين أو نعلقها دوما على شماعة المؤامرة الجاهزة. وقف د. أبوالفتوح وصباحى وخالد على على منصة واحدة فى التحرير متشابكى الأيدى يهتفون بصوت مزمجر مع الآلاف من مؤيديهم «أيد واحدة» ولكن للأسف بعد فوات الأوان فكل واجب شرعى يؤدى بعد أوانه يفقد قيمته ولا يحصل المقصود به، وهو كمن يصوم بعد المغرب ولو حدث ذلك قبل الجولة الأولى للانتخابات لكان هناك «كلام ثانى» على رأى معلقى كرة القدم.
وقفت الجماعة الإسلامية وحزبها «البناء والتنمية» موقفا مشرفا حينما تنازلت عن مرشحيها فى اللجنة التأسيسية للدستور تغليبا لمصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة، لتعطى درسا بليغا للآخرين فى أن مصالح الأوطان أبقى وأسمى وأغلى من مصالح الجماعات والأحزاب، ومن فعل ذلك فسيجمع الله له كل المصالح وسيرفع ذكره، وقد أحسنت الجماعة وحزبها باختيار المستشار ناجى دربالة نائب رئيس محكمة النقض ود.محمد محسوب عميد حقوق المنوفية، وهما من الشخصيات القانونية الوطنية النظيفة ذات الفكر الإسلامى الوسطى والذى يعلى مصالح الأوطان على ما سواها ولا يدور فى فلك المصالح الحزبية الضيقة. لقد تسامت الجماعة الإسلامية فوق الحزبية المقيتة وقدمت منطق الكفاءة على منطق الحزبية، كما تسامت من قبل على آلامها وأبت أن تتاجر بآلامها وجراحاتها فى دنيا السياسة الرخيصة، ولكن معظم أصحاب المبادئ السامية لا ينتصرون عادة فى الدنيا، كما لم ينتصر من قبل على بن أبى طالب والحسن والحسين وعبدالله بن الزبير، فهذه الدنيا تعطى ثمرتها عادة للأكثر دهاءً ومكرا وكيدا ومالا وتلونا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة