محمد الدسوقى رشدى

دفاعاً عن سيد قطب

الجمعة، 15 يونيو 2012 10:50 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اختلف كما تشاء مع الإخوان، ولكن لا تسعى مثل أحمد شفيق ورجاله لكى تقنعنى بأنهم الشيطان حينما يتجسد فى أبشع صوره.. اختلف كما تشاء مع الإخوان، وقل فى أفكارهم وعيوبهم وقياداتهم بعضا، أو كل مما قاله مالك فى الخمر، ولكن لا تتهم الجماعة أو أفرادها بالخيانة، حتى إن فعل بعض الموتورين فيها ذلك، واتهمك بالخيانة لأنك اخترت شفيق، أو ترى فى حكمهم وسيطرتهم على السلطة وبالا على مصر.

الإخوان جزء من هذا الوطن، وهذا ما لا يدركه بعض القيادات الساذجة التى بدأت تروى أحاديث عن دور الإخوان فى موقعة الجمل، لإثبات وطنية الجماعة، حتى تطرف البعض منهم فى رواياته عن موقعة الجمل، فأصبح الأمر كأن الإخوان يعايرون المصريين بدورهم فى موقعة الجمل، مثلما فعل العسكر بالضبط، وهم يكررون لفظة حماية الجيش للثورة.

السابق من الكلام ليس هو بيت القصيد، يمكنك أن تعتبره إثبات موقف، أو مجرد ملاحظة عابرة قبل الحديث عن الكارثة الكبرى.. والكارثة هنا تتعلق بأن يظهر رجل «بهلوان» مثل توفيق عكاشة، ويطلق مدافع سبابه وشتائمه وسخريته نحو رموز وطنية كبيرة، بغض النظر عن اختلافك معها، مثل حسن البنا، وسيد قطب، والأكثر كارثية من السباب والشتائم هو جهل توفيق عكاشة الواضح بتاريخ البنا وقطب، وظنه وظن من دفعه لفعل ذلك أنه بهذا التشويه الساذج سينجح فى هزيمة الإخوان.

أنا وأنت ندرك جيدا أن الفوارق واضحة بين حسن البنا، وسيد قطب وأفكارهما– حتى التى نختلف معها- وبين ما تمارسه قيادات الإخوان على أرض الواقع. والعودة إلى رسائل البنا وكلماته القديمة ستكشف لك أن الرجل رفض تصويره وهو يصلى، بينما حملة مرسى تنشر له صورا دعائية، وهو يؤم الناس ضمن حملة، ويمكنك أن تقيس على هذا الحدث البسيط العديد من الأحداث الكبرى.

أما فيما يخص سيد قطب، فيبدو الأمر جرائميا بشكل أكبر، لأن السيد عكاشة ومن خلفه اختصروا تاريخ هذا المفكر والمثقف الكبير وجعلوا منه إرهابيا انتهازيا، مع استمرار العزف على نغمة كونه التكفيرى الذى ذهب بالمجتمع إلى حيث الدم والعنف، وهى اتهامات غير منصفة، وتحمل بين طياتها الكثير من الجهل، وتشطب من تاريخ الرجل عددا من أعماله الأدبية والفكرية العظيمة مثل كتاب «النقد الأدبى.. أصوله ومناهجه»، وكتاب «التصوير الفنى فى القرآن»، وتفسيره الشهير «فى ظلال القرآن»، بخلاف روايتى «أشواك» و«المدينة المسحورة»، ومشاركته فى وضع قصص الأنبياء مع السحار.

وربما نعذر عكاشة ومن مثله لأنهم يتحدثون عن سيد قطب دون أن يقرأوه، ويحصرون الرجل فى زاوية تكفير المجتمع، رغم أن تلك الإشكالية الفكرية تبدو فى حاجة إلى إعادة النقاش حولها، خاصة أن كتابات قطب، وإن اتسمت ببعض العنف والتطرف، لم تتضمن يوما لفظ الكفر أو التكفير، بل استخدم الرجل لفظة «الجاهلية» فى الكثير من وصفه للمجتمعات الإسلامية، وهو الأمر الذى تم تفسيره بشكله التكفيرى، رغم أن بعض التفسيرات برّأت الرجل حينما استرجعت استخدام النبى عليه الصلاة والسلام لفظة «الجاهلية»، حينما قال لأبى ذر الغفارى «إنك امرؤ فيك جاهلية».

اختلف كما تشاء مع سيد قطب، ولكن اعترف بأنه أكبر من أن ينتقده شخص مثل توفيق عكاشة، أو أحمد شفيق.. اختلف معه، ولكن اعترف بأنه رمز مصرى أكبر وأهم من أن يتم نقده بتلك الطريقة الساذجة والتافهة.. اختلف مع سيد قطب كما تشاء، ولكن لا تحمّله أوزار تصرفات صبحى صالح، وصفوت حجازى، وباقى الموتورين الذين أصابهم عنقود السلطة الذى دنا وتدلى بالهوس، وتذكر جيدا أن سيد قطب هو القائل: «إن النصوص وحدها لا تصنع شيئا، وإن المصحف وحده لا يعمل حتى يكون رجلا، وإن المبادئ وحدها لا تعيش إلا أن تكون سلوكا»، وهو أيضا أول ما تنبأ بالوضع الحالى حينما قال : «ولقد تتحول مصلحة الدعوة إلى صنم يتعبده أصحاب الدعوة، وينسون معه منهج الدعوة الأصيل».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة