فى حسابات المكسب والخسارة الخاصة بحكم المحكمة الدستورية لحل مجلس الشعب، علينا أن ننتبه الى أن الأحزاب والقوى السياسية ارتكبت خطأ فادحا، قاد إلى صدور هذا الحكم، وإذا كان المجلس العسكرى يتحمل المسؤولية باعتباره الجهة التى تقود المرحلة الانتقالية، فإن الأحزاب شاركته فى العبث، بل هى التى دفعته إلى تشويه قانون الانتخابات البرلمانية باسم التفاهم بينهما.
فى سبتمبر الماضى أصدر المجلس العسكرى قانون الانتخابات، وضمن مواده أنه يشترط فى من يتقدم بطلب الترشح لعضوية مجلس الشعب، أو مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردى، ألا يكون منتميا لأى حزب سياسى، ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتم لأى حزب سياسى، فإذا فقد هذه الصفة.. أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثى الأعضاء.
انتفضت القوى السياسية والأحزاب ضد هذا الشرط، واحتشدت فى اجتماع بحزب الوفد، وهددت بالانسحاب من الانتخابات، وخرجت مليونية يوم 29 سبتمبر تطالب بإجراء الانتخابات وفقا للقائمة النسبية، وأدى هذا الضغط إلى اجتماع بين الفريق سامى عنان نائب رئيس المجلس العسكرى والأحزاب، انتهى بحق الأحزاب فى الترشح على المقاعد الفردية.
سعت الأحزاب من وراء هذه الضغوط إلى إمكانية رفع حصة مقاعدها البرلمانية، وأمام هذا الطموح، ضربت عرض الحائط بتحذيرات عدم الدستورية، ولم تقرأ دروس الماضى القريب، ففى انتخابات 1984 والتى أجريت بنظام القائمة النسبية، قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الانتخابات لتجاهله حقوق المستقلين فى الترشيح، وأعيدت الانتخابات عام 1987 بنظامى القائمة والفردى لتبطلها الدستورية أيضا، وتعود الانتخابات عام 1990 بنظام الفردى.
كان درس الماضى موجودا، ولم يلتفت إليه أحد، ورغم ذلك حدثت المقايضة على حساب احترام الدستور، واشترك الجميع فى هذه المقايضة، وحين قضت المحكمة الدستورية بحكمها يوم الأربعاء الماضى، لم نر حزبا واحدا ممن انتفضوا فى سبتمبر الماضى ينتقد نفسه ذاتيا، ويعترف بأنه فرش بغضبه الطريق أمام المحكمة لتقضى بحل المجلس.
بعد أن أصدرت المحكمة الدستورية حكمها، دارت العجلة فى انتقاد وهلهلة المجلس العسكرى، وهذا حق، لكن العدل أيضا أن يتم انتقاد الأحزاب والقوى السياسية بنفس القدر، وعليها أن تنتقد نفسها ذاتيا، لأنها فى هذه القضية لم تقرأ المستقبل بعين الاعتبار والوعى، واستهدفت فقط مكاسب الحاضر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة