لم أكن يوما عضوا فى أى تجمع نسائى، ولم أكن حتى من المتعاطفين مع التجمعات النسائية، بل على العكس كنت أرى أن تلك التجمعات من شأنها أن تفصل المرأة وتعاملها كأنثى وليس كفرد مماثل للرجل، ولكن ذو طبيعة فسيولوجية مختلفة، وكان يزعجنى بشدة عبارة يتداولها الناس، وخاصة النساء، حين يريدون أن يصفوا امرأة بالاستقامة الأخلاقية أو قوة الشكيمة فيقولون أنها امرأة بعشرة رجال، وكأن الاستقامة وقوة الشكيمة وحسن الخلق صفات لا توجد بطبيعتها فى النساء، فإذا اتصفت بها امرأة وجب أن نربطها بأخلاق الرجال!! ومن مظاهر العجب الأخرى أنه حين تريد امرأة أن تدلل على صدق وعدها أو وعد آخرين فتتساءل كلام رجالة، وكأن الرجال هم فى الأصل أصحاب الكلمة التى لا تتغير والوعود التى لا تتبدل!!
تاريخ طويل من الدفع فى هذا المجتمع لكى تصبح المرأة ذاتها عدوا للمرأة أو على الأقل يكون لديها لا شعور بدونيتها.. ولكن دعنا نتناسى التاريخ ولنتكلم عن الحاضر والمستقبل، المرأة فى هذا البلد تعول أكثر من %40 من سكانه، المرأة فى هذا البلد هى التى تدفع من صحتها وعمرها ثمن الفقر والعوز، فهى التى تعمل داخل البيت وخارجه، فهى ماكينة عمل دون راحة أو رحمة فى مقابل رجل قد يعمل ولكنه آخر النهار يجلس مع أصحابه على المقهى يلعن حظه حين يشاهد فيديو كليب لبنانى أو مذيعة بشعر أصفر مقارنة بزوجته التى ساهم بل دفعها لأن تكون ثورا مربوطا فى ساقية لا وقت لديها لتلتقط أنفاسها من الجهاد داخل البيت أو خارجه.
المرأة كانت كتفا بكتف مع الرجل فى ثورة الشعب على الظلم ولم تتركه لحظة، فكما ماتوا ماتت، وكما ضُرب ضُربت بل سحلت وتعرت وتم التحرش بها لأنها امرأة ولم يتعرض الرجال لما تعرضت له النساء، بل أقل كثيرا.
إذن المرأة المصرية دفعت ثمنا غاليا بحثا عن حرية المصريين كما دفع الرجل وأكثر، ولكن حين أتت لحظة جنى البعض لثمار تلك الحرية كانت المرأة أول من تم إقصاؤه، ولنا فى انتخابات مجلس الشعب المنحل أمثلة، ولنا فى القوانين التى سعى لتمريرها أيضا عشرات الأمثلة من التجبر على النساء.. وعود على بدء لم أكن يوما ممن يتحدثون عن المرأة دون الرجل فى هم هذا البلد، ولكن الآن أعلن بألف لا أن هذا بلد حتى حين يتنفس قليلا من الحرية يستخدمها فى قهر النساء، أيتها النساء وأيها الرجال الذين تخافون الظلم وتريدون لهذا البلد حياة أفضل لا تقولوا امرأة بعشر رجال بل قولوا امرأة بألف رجل، لأن نساء مصر كذلك.