عمرو جاد

صديقى طويل اللسان

الأربعاء، 20 يونيو 2012 06:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أسمع قديما مثلا شعبيا فجا مفاده أن حماقة الإنسان تدفعه أحيانا أن يترك عرضه مستباحا للآخرين، ثم يتعلل بعد ذلك بأن ما تعرض له من أذى ما هو إلا قدر الرحمن وقضاؤه، ودائما ما يدوى هذا المثل فى أذنى عندما أطالع ما يكتبه بعض الأصدقاء على صفحاتهم الشخصية فى موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» أو تويتر، وهم يتلوون ألما من التدنى الذى وصلت إليه لغة الخطاب بين الناس فى عالم الإنترنت الافتراضى أو فى الواقع، فتجده وهو يناقش تلك الظاهرة المجتمعية ويتحسر على الأخلاق التى ذهبت ينفحك حكمة أو قولا مأثورا من تأليفه مليئا بالهراء اللفظى والشتائم مما لا يليق بالفكرة النبيلة التى يريد إيصالها، بينما كان الأولى به أن يسجل رأيه باحترام وأن يتعلم الاختلاف بأدب.

ربما يكون صاحبنا هذا أفضل حالا من موجة ضيق الصدور التى انتشرت حديثا بين أعضاء الفيس بوك، وتعتمد على تهديدات الأعضاء لبعضهم بالحذف أو الغلق «بلوك» أو الشتم وقد تصل للتجريس وتشويه السمعة، تكتشف أن %90 من هؤلاء ليس له مبرر قوى لهذا السلوك العنيف اللهم إلا أنه استيقظ صباحا فتعكر مزاجه، وبالتالى أراد أن يفرغ طاقته السلبية على أكبر عدد من البشر، أو ربما اكتشف فجأة أن أكثر الآراء السائدة تخالفه، فأراد أن يكون هو الآخر مختلفا فيعارضها جميعا ويهدد كل من قد يعلق على رأيه بالحرمان من الدخول لصفحته مرة أخرى، والأكثر طرافة من ذلك إحدى الفنانات التى أزعجتها نتيجة انتخابات الرئاسة فاستشاطت غضبا وأعلنت فى آخر ما كتبته على صفحتها أنها ستغادر هذا المكان لأنها غبية ولا تستطيع العيش وسط كل هذا الذكاء، فقط لمجرد أن اختياراتهم اختلفت عن اختيارها.

قد نكون ظالمين لو افترضا أن تلك الحالة العامة نابعة من اكتئاب أو إحباط عام، ناتجة عن الظرف السياسى أو المجتمعى الراهن، وقد نكون متطرفين أكثر لو اعتبرنا هذا النوع من السلوك ينم عن سوء تربية ورداءة تعلم وفساد أخلاق، لكن التفسير الأقرب هو أن حالة الانفلات الفكرى والتراشق اللفظى والتعبير العنيف عن الرأى ينبع من مرض وراثى أصاب المصريين خلال الأعوام الماضية يتمثل فى الشارع على هيئة أصوات غريبة وألفاظ نابية وإشارات مستفزة للآخر، بينما تتجلى على الفيس بوك وتويتر فى هيئة تهديدات وتعبيرات ساخرة وحادة ومنافية للآداب فى كثير من الأحيان، وإذا تجرأت وحذرت من تعرفهم من تلويث صفحتك بقاذوراتهم فسيعتبرونها قلة ذوق وجلافة منك وتعاليا عليهم، ولن يقتنعوا بحديثك عن الحرية المسؤولة وأدب الحوار فتلك رفاهية ليست فى محلها، ولا تصدق أبدا أن كثرة الأصدقاء سيجبرهم على التحلى بالعقل، والحل فى وجهة نظرى مع من يكرر هذا الأمر معك أن تتجاهله.. صدقنى سيريحك هذا نفسيا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة