نتابع منذ أيام مباراة مرسى وشفيق التى يتصارعون فيها على أغلبية هزيلة مريضة، مرسى يدعى أنه متفوق على شفيق، وشفيق يدعى أنه قهر مرسى فى الصناديق، واللجنة العليا للانتخابات يبدو أنها مستمتعة بما يجرى، والمجلس العسكرى يراها فرصة طيبة ليمكن لنفسه فى مصر حتى بعد تولى الرئيس الجديد فيزيد من صلاحياته التى يخنق بها البلاد والعباد، ويعطى لرجاله حق الضبطية القضائية دون وجه حق ويجعل من نفسه مشرعا وقاضيا ودستورا، والصحف لاهثة وراء الخبر، برغم أن ما وراء الأخبار أفدح وأكثر إثارة.
دعنى أصارحك بأن كل هذا لم يشغلنى بقدر ما شغلتنى متابعة سير العملية الانتخابية، فقد أبطلت صوتى بعدما أفقدتنى جمعية الإخوان التأسيسية كل أمل فى الجماعة ومصداقيتها، وتابعت ما جرى فى الانتخابات بدأب، وكنت أتعجب من أنه كلما وقعت انتهاكات طلع علينا مصدر مسؤول باللجنة العليا للانتخابات ليقول إن هذه الانتهاكات لا تؤثر على العملية الانتخابية، حتى أصبحت الانتخابات التى يدعون أنها شهدت بعض التجاوزات «تجاوزات شهدت بعض الانتخابات» لذا لم أتعجب حينما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أنها ستؤجل إعلان النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية، لكن قبل أن نناقش ما أثير من طعون وتجاوزات ربما تؤدى إلى إعلان فساد هذه الانتخابات برمتها لابد أولا أن نتساءل عن مصير التجاوزات الانتخابية فى الانتخابات السابقة، فقد شهدت مصر على مدار عام ونصف استفتاء وجولتين انتخابيتين، ورأينا فى الاستفتاء مئات من بطاقات الاقتراع ملقاة فى الشوارع، وحينما انتقدنا هذا المشهد زعم الإسلاميون أننا نتشكك فى النتيجة وأننا نحارب دين الله ومن يرفعون رايته الذين قالوا «نعم للدين»!!
تكرر الأمر فى الانتخابات التشريعية الماضية وحينما تساءلت فى مقال نشر فى 11 يناير الماضى بعنوان «الشك هيقتلنى» عن سبب استبعاد اللجنة العليا للإشراف على انتخابات مجلس الشعب لقضاة المنصة من الإشراف على الانتخابات، هاجمنى العديد من المنتمين إلى التيار الإسلامى وهو نفسه ما حدث حينما تساءلت عن مصير القضاة الذين حررت ضدهم محاضر رسمية تتهمهم بالانحياز لمرشحين بعينهم وقلت إن هناك أصواتا تضاعفت فى الصناديق عن مثيلتها فى الكشوف وذهب ناخبون للإدلاء بأصواتهم، فوجدوا غيرهم صوتوا بدلا منهم، وإن هناك من قدموا رشاوى عينية للناخبين وسودوا البطاقات واستخدموا الدعاية الدينية بفجاجة وهناك من ضبطوا متلبسين باستخدام الورقة الدوارة كما أن هناك العديد من المنتقبات اللاتى ضبطن وهن يصوتن أكثر من مرة ببطاقات غيرهن.
مرت كل هذه التجاوزات دون أن ينال أحد عقابا ولا حتى تأنيبا، وهو ما دفع إلى تكرار هذه التجاوزات فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، التى أشرت إليها أيضاً فى مقال بعنوان «مصير المزورين» وقلت إن ديمقراطية بلا قانون يحميها، هى ديكتاتورية مجردة، وإن السكوت على ما يحدث فى الانتخابات من تجاوزات وانتهاكات يهدد العملية الانتخابية برمتها ويسممها وسيؤدى إلى تفاقم هذه المشكلات يوما بعد يوم، وهو ما حدث بالفعل فى الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة حتى وصل عدد الطعون إلى ما يقرب من 400 طعن وآمل بعد كل هذا أن تكون المدة التى منحتها لجنة الإشراف على الانتخابات لنفسها مدة كافية لبحث هذه الطعون وتفنيدها حتى ينال كل مجرم جزاءه، لا أن تكون مدة للمناورة والتفاوض.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة