«قبل إعلان النتيجة»
الغياب عن تلك المساحة لم يكن قسريا، ولكنه كان استغلالا لإجازة عمل فى الهروب من الكتابة وسط هذه الأجواء الملبدة بالأكاذيب والمزايدات والمؤامرات، أنا ياصديقى لا أخجل من الاعتراف بأن الكتابة مثلها مثل الضحك تماما، إن تمت بدون فهم وأسباب وتفاسير وحقائق واضحة تصبح نوعا من «قلة الأدب»، ولهذا اعتبرت السفر وما تبعه من إجازة إجبارية نعمة سماوية للابتعاد عن تلك الأجواء والأعاصير المناوئة للكتابة الطبيعية.
نظرية الغياب السابقة سقطت وفشلت مع سيل الأخبار التى كانت تأتى من مصر عكس بعضها، وطوفان حرب التصريحات المتبادلة بين أنصار شفيق ومرسى، المشهد من خارج غرفة الأخبار ومن خارج أرض القاهرة يبدو كلوحة تشكيلية تسير خطوطها العبثية بصحبة الخوف والذعر.
والذعر والخوف الذى انتشر فى ربوع مصر خلال الأيام الماضية سواء كان وليد شائعات منظمة أو قلقا طبيعيا من نتيجة تحدد مستقبل مصر لا يجب أن تدعه يمر من أمامك مرور الكرام، لأن هذا الخوف يمهد لفكرة جديدة تغزو العقل المصرى وتؤهله لرفض مبادئ الحرية والتغيير وتعود به إلى ماقبل المربع صفر، كل هذا الخوف الذى يتم نشره فى الشوارع يؤهل العقل المصرى ويدفعه للإيمان بأن الأمن والأمان والاستقرار أهم من الحريات والكرامة المصحوبة بالرعب والمغلفة بشائعات الاضطراب والجوع.
تغيير العقل المصرى وتثبيط همة التغيير وخلايا الأحلام داخله هو الخطر الحقيقى الذى يمكنك أن تكتشفه بسهولة إن خرجت لدقائق خارج دائرة الصراع السياسي، والأكثر كارثية من هذا السيناريو هى تلك الحرب الأهلية المعنوية التى تملأ شوارع مصر بين القطاعات الشعبية وأنصار المرشحين الذين تحولوا من مجرد متنافسين إلى أعداء كل منهم يرى الآخر خصما وعدوا وقاتلا وخائنا، وهذا النوع من التقسيم البشرى أخطر على الدولة كثير من مخطط التقسيم الجغرافى الذى كان يهددنا به توفيق عكاشة وكل أعداء الثورة، فكن حذرا من أن تشارك فى مخطط التقسيم هذا بالتحريض أو التنفيذ إشباعا لتعصبك أو سعيا خلف مصلحة تيار أو جماعة أو حزب.
«بعد إعلان النتيجة»
ليس مهما إن كنت من مؤيدى مرسى لكى تفرح بكونه رئيس مصر القادم ولكن المهم أن تفرح بأن مصر أصبح لها رئيس منتخب، افرح كما تشاء إن كنت من أنصاره، واحزن كما تشاء إن كنت من أنصار المرشح الخاسر، ولكن يبقى من حقا هذا الوطن عليك أن تحافظ على أمنه واستقراره.
الأن وبعد إعلان اللجنة العليا للانتخابات فوز محمد مرسى فى أول انتخابات شعبية، مطلوب من الدكتور محمد مرسى رئيس مصر الجديد أن يرد الاعتبار لقضاة اللجنة العليا للانتخابات وأن يحاسب إخوانه فى الجماعة وحزب الحرية والعدالة على كل المزاعم والاتهامات التى حالوا من خلالها أن يتهموا اللجنة وقضاتها بالتزوير والعمل لصالح مرشح آخر.
هذا هو الاختبار الأول لمحمد مرسى تتلوه اختبارات أخرى أهمها كيف سيواجه الإعلان الدستورى المكمل، وكيف سينجح فى أن يلملم شتات هذا الوطن وأن يكون رئيسا لكل المصريين.. مرسى الآن هو قدر مصر عليه هو أن يعمل لاستيعاب الجميع وألا ينتظر من الشعب المصرى خضوعا أو سيرا فى ظل الحوائط الآمنة كما كان يحدث فى عصر مبارك.. من أجل مصر نحن فى ظهر الرئيس الجديد من أجل دولة مدنية أكثر تحضرا، وفى وجه الرئيس الجديد بالمرصاد إن أرادها دولة له أو للمرشد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة