مصر تستقبل الرئيس الجديد, وقد حبست أنفاسها طوال الأيام الماضية حتى كادت أن تختنق من اللهو بمصيرها والعبث السياسى بمستقبلها، ووقفت على أطرافها على حافة الخطر حتى أوشكت على السقوط والانتحار تحت أقدام المزايدة والمشاحنة والاستقطاب والانقسام.
بعد حبس الأنفاس والوقوف على الأطراف, علينا أن نحترم شرعية صندوق الانتخابات دون تزييف ونطوى صفحة الماضى بكل جراحها ومآسيها وننظر للمستقبل، فمصر تنتظر الكثير والكثير من الرئيس الجديد الذى يواجه هموما ومشاكل وصعابا تنوء عن حملها الجبال.
الرئيس الجديد يأتى إلى سدة الحكم فوق براكين سياسية هائجة وحرائق اجتماعية ملتهبة وانهيار اقتصادى خطير، فماذا هو فاعل بها؟ وكيف سيقود سفينة الوطن وسط كل هذه الأعاصير والعواصف التى تهدد بغرق السفينة ومن عليها؟
الرئيس الجديد عليه أن يدرك أولا أن مصر بتاريخها وحضارتها ودورها تستحق منه الكثير، وأنها الأعلى والأكبر والأهم والأبقى من أى منصب أو سلطان أو حزب أو جماعة، وأنه يحكم دولة بحجم مصر وليس واليا لإمارة فى خلافة أو إمبراطورية، وانتماؤه أولا لها وليس لجماعة أو مشروع أو لنظام مستبد، هذه هى الحقيقة والمسؤولية الأولى التى على الرئيس الجديد أن يؤمن بها، وإلا فإن الشعب الذى ثار على سلفه لن ينتظر عليه كثيرا.
السيد الرئيس عليه أن يعلن على الفور أنه قادم من أجل مصر فقط وليس من أجل شىء آخر، وأنه رئيس لكل المصريين دون تمييز أو تفرقة، وليس بينه وبين أحد عداوة أو ثأر، فمصر تنتظر أن يتوافق ويتصالح أبناؤها من أجل مستقبلها، هذه هى المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتق الرئيس الجديد، مسؤولية المصارحة والمصالحة الوطنية قبل مواجهة باقى المسؤوليات الجسام.
الفوز بمنصب الرئاسة ليس هو مشهد النهاية على المسرح السياسى فى مصر، بل هو البداية لطريق شاق وصعب وعسير للنهوض والاستقرار والتقدم، لأنها مسؤولية عظيمة وضخمة سيحاسب عليها أمام الله والشعب.
المشاكل كثيرة والرئيس الجديد أمامه تحديات ضخمة، فهو رئيس منتخب بشعبية ضعيفة فى ظل مجلس عسكرى، ولدولة بلا دستور حاكم، وبرلمان غائب، وصلاحيات غير محددة وواضحة، وعليه أن يتعامل بهدوء وبعقل وحكمة مع كل هذه التحديات.
اللهم احم مصر واحفظها وولى عليها خيارها ولا تولى علينا شرارها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة