سليمان شفيق

أنور عبدالملك.. مِشعل الحرية الذى انطفأ

الأربعاء، 27 يونيو 2012 09:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انطفأ فى صمت، مِشعل من مَشاعل الحرية، دكتور أنور عبدالملك، فارس ومفكر وعالم، دفع زهرة شبابه فى المعتقلات من العصر الملكى للعصر الجمهورى، له العديد من المؤلفات أبرزها كتابه النبوءة «مصر مجتمع يحكمه العسكريون»، تعرفت عليه فى مطلع سبعينيات القرن الماضى، حينما كانت مصر تهيم شوقا لليسار، واليسار يهيم عشقا بها.. قبل أن يطلق السادات الوحش الأسطورى من القمقم، ليكون أول ضحاياه، كان عبدالملك يعلمنا أن العلاقة بين العمامة والكاب علاقة مصيرية تحكمها التراتبية والطاعة، ويفرقهما نهم الاستحواذ على الحكم من رئاسة الحى إلى رئاسة الدولة، وكلاهما لا يتغذى سوى على العنف والإقصاء.
أنور عبدالملك، شجرة من أشجار بستان الحرية التى ارتوت بدماء جرحى وشهداء ثورة 1919، جيل قدم لمصر ما لم يقدمه جيل آخر من العقلانية والوجدانية، اقتصاديون مثل إسماعيل صبرى عبدالله وفؤاد مرسى، علماء: مصطفى الجبلى وإبراهيم بدران، وفقهاء مثل خالد محمد خالد ولاهوتيون مثل البابا شنودة الثالث، وفلاسفة من أمثال عبدالرحمن بدوى وزكى نجيب محمود، ونقاد على شاكلة لويس عوض وغالى شكرى، وكتاب على غرار نجيب محفوظ، يوسف إدريس وتوفيق الحكيم، ومحامون منهم عبدالعزيز الشوربجى، ومصطفى البرادعى وأحمد الخواجة، وصحفيون وشعراء: عبدالرحمن الشرقاوى، صلاح جاهين، مصطفى نبيل وأحمد بهاء الدين، وسينمائيون: صلاح أبوسيف، يوسف شاهين وآسيا، والراقصة الفنانة تحية كاريوكا، ومطربون ومطربات: أم كلثوم، عبدالوهاب وفايدة كامل، وعسكريون فرسان مثل الشهيد عبدالمنعم رياض والمشير أحمد إسماعيل، وسياسيون من عينة فؤاد سراج الدين وإبراهيم شكرى، وما جمع بين كل هؤلاء هو وحدة العبقرية والموقف السياسى، لأنهم لم يكونوا جيلا بلا آباء، بل كان آباؤهم طه حسين، قاسم أمين، محمد عبده، مصطفى النحاس، صبرى أبوعلم، مكرم عبيد، مصطفى مشرفة، حبيب جرجس والبطل أحمد عبدالعزيز.
آه يا آباء شهداء عظام، أين أنتم؟ ولماذا تركتمونا ومخاوفنا أن يتسرب حلم بناء الوطن الحديث الدستورى كبقايا الطعام من على لحى أصحاب عصر ختان العقل؟
أتصفح سفر أنور عبدالملك «مصر مجتمع يحكمه العسكريون»، الكاب على رأس المشير عامر، لا يختلف عن كاب المشير طنطاوى، و«الأفرول والجلباب»، سدود تحجب فيضان نهر الاستنارة.
آه يا أبى العزيز، تغادرنى عبق روائح جيلك العطرة تبقى فى خالد محى الدين، محمد حسنين هيكل، توفيق صالح، فاروق الباز، بهاء طاهر، جمال الغيطانى، الأخوين حسين وجلال أحمد أمين وسلامة أحمد سلامة أطال الله أعمارهم وأمد عقولهم بوهج الفكر وأقلامهم بنور المعرفة الحية.
آه يا أبتاه أتوق إليك، أتنسم ريح مضاربك قبل أن يحل الظلام، وتنطفئ آخر مصابيح الفكر، ويجف نهر المعرفة وتنتقب الحكمة، وتحتجب حرية الضمير، لم أقل وداعا بل إلى لقاء فى عالم آخر أكثر سلاما وشفافية، عالم لا يعرف التدليس باسم الوطنية أو الاتجار بالدين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة