(1)
لمصر الآن رئيس.. ويبدو أن تلك الحقيقة التى حسمتها صناديق الاقتراع صعبة الإدراك على بعض القوى السياسية فى مصر التى أصابها نجاح محمد مرسى - بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معه - بنوع من أنواع عسر الهضم والفهم، ومن خلال خبرتك بحالات عسر الهضم يمكنك أن تفهم أو تجد أسبابا لحالة «الإسهال الفكرى» التى يعانى منها أغلب قيادات القوى المدنية، وتدفعهم لإطلاق تصريحات غير مسؤولة فى هواء الحياة السياسية، تبدو معها نواياهم فى تكسير «مجاديف» الرئيس الجديد قبل أن يبحر بها واضحة وجلية.
من حق القوى السياسية المختلفة مع محمد مرسى وجماعته وحزبه أن يقفوا فى الجبهة المضادة له، ولكن ليس من حقهم التفنن فى وضع المطبات والعقبات أمام الرجل قبل أن يبدأ مهامه، رغبة فى إثبات فشله أو فشل الإخوان مبكرا. أعلم تماما أن القوى السياسية المدنية عاشت معاناة شديدة مع جماعة الإخوان، وحزب الحرية والعدالة طوال شهور المرحلة الانتقالية، وعاش الكثير من قيادات الثورة معاناة أكبر مع تحولات الإخوان ووعودهم التى تتبدل وتتغير، وإعلائهم من شأن الجماعة ومصلحتها فوق كل شىء، وكل هذه المراوغة والألاعيب الإخوانية فى شهور المرحلة الانتقالية لا يجب أن تكون أبدا ذريعة لأى هجوم غير موضوعى على مرشح الجماعة الذى أصبح رئيسا.
باختصار، يجب على القوى السياسية أن تخجل من نفسها وهى تطلب من محمد مرسى تشكيل فريق رئاسى أو حكومة، وفقا لمزاجها هى، لأن أبسط حقوق مرسى أن يختار معاونيه وفقا لرؤيته ومشروعاته، سواء كان اختياره من بين صفوف الإخوان أو من خارجهم، لأنه وحده سيحمل «القربة» فوق رأسه، ولن ينسكب ماؤها على رأس أحد غيره إن أخطأ أو فشل، وبناء على ما سبق يصبح اتهام محمد مرسى بالاستحواذ والرغبة فى التكويش على السلطة إذا اختار فريقه الرئاسى من أبناء حزبه أو جماعته نوعا من المراهقة السياسية.
مرسى يجب أن يأخذ نفسه، ويستوعب «خضة السلطة» ويبدأ فى وضع أساسات عمله الرئاسى، وسط مراقبة سياسية واجتماعية، ومن بعدها يجب عليه أن يقدم للناس كلها إجابات واضحة حول شكل علاقته بمكتب الإرشاد، وطبيعة العلاقة بينه وبين المجلس العسكرى، وكيف سيحاسبه على خطاياه خلال المرحلة الانتقالية.
(2)
للجماعة الإسلامية تحية واجبة على أدائها خلال الفترة الماضية، تحية واجبة على عقلها السياسى الذى كان أول من رفض طغيان الإخوان على تشكيل التأسيسية الأولى، والذى دفعها للتخلى عن مقاعدها فى التأسيسية الثانية لصالح القوى المدنية، وتحية واجبة على هدوء تصريحات قادتها وقادة حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية لها، فى وقت لا يجيد فيه أهل السياسة سوى الصراخ، وتحية واجبها لأنها التيار السياسى الوحيد، وتحديدا الإسلامى الوحيد، الذى لم يمل من تكرار تذكير الرئيس الجديد محمد مرسى بوعوده الخاصة بضمان تمثيل محترم للمرأة والأقباط فى الحكومة الجديدة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة