أصبحنا أمام ظاهرة صوتية ضوئية استعراضية من أنصاف السياسيين، وكبار الاستعراضيين، الذين يخطبون نفس الخطابات ويقولون نفس الكلام، وكل همهم هو الكاميرا والأضواء، وأن يروا صورهم وتصريحاتهم تزين جدران الفيس بوك واليوتيوب.. تجدهم فى المنصات والميادين وكل مكان فيه كاميرا، فإذا اختفت الكاميرات انصرفوا.
ظاهرة كانت موجودة وتضاعفت وأصبحت مرضا أصاب كثيرا من زعماء اليوم الواحد وعبيد المنصات، من السياسيين والمتحدثين الرسميين باسم أى حاجة وخطباء الزحام ومحترفى ملاعبة الكاميرا.
الواحد منهم على استعداد لعمل أى منظر ودخول أى عركة وإطلاق أى تصريحات من أجل أن يجذب الكاميرات وأن تنقل عنه وسائل نقل الصور والكلمات والغازات والخطابات.
فى ميدان التحرير الآن عاد الشيخ حازم بعد فترة انقطاع ليواصل وجوده ليلاً بعد انقشاع الحر، يعتلى المنصة ليرقع خطابا يراعى فيه كل شروط التشويق، فهو يدعو للحرب والنضال ويطالب مستمعيه فى الميدان بالتوجه إلى أى مكان والكفاح والاستشهاد من أجل هزيمة العدو، ولامانع أن يناضل حازم، لكننا نراه يدعو لصدام ونعرف من تجارب الماضى القريب أن آخره كلام. فعلها من قبل فى العباسية ولما صدقه البعض وسالت دماء خرج ليتبرأ ويطلق تصريحاته المتداخلة، بأنه كان يقول أشياء وأنه لم يذهب، والضحايا هم من الأبرياء الذين يصدقون «الشو».
حازم ومعه «صفوت وفوزت ورملت وملهت» يتصورن أنهم يجيدون ملاعبة الكاميرا، ولا يعرفون أن النجومية الآن لحظية، لدينا نجوم اليوم أو الأسبوع أو الشهر، وسرعان ما يصاب المشاهدون بالملل وتنصرف الكاميرات إلى ما هو أكثر تشويقا، ولهذا بالرغم من سخونة ما يطلقه حازم وغيره من تصريحات نارية والأوقات التى يختارونها يدعو فيها لـ«سحق ومواجهة»، إلا أن أحدا لم يعد يهتم بها، وتوضع ضمن الأخبار التقليدية بما يعنى أن أحداً لن يأخذها بجدية.
الإعلام ليس لديه وقت، يسلط الضوء على ظاهرة أو شخص فيصدق الزبون نفسه ويعيش الحالة، لكن الكاميرات نفسها صاحبها التشويق والجاذبية، وطالما النجم يمارس ألعابه يحل ضيفاً دائماً على برامج التوك شو، لكنه يظل مجرد فقرة من السيرك وإذا فقد جاذبيته ينصرف عنه الجمهور.
إذا كان الممثل محترفاً يجدد فقراته وعروضه ويبتكر رفع قضايا أو إطلاق شتائم، وعرض الرجل المطاط أو نوم العازب أو الرجل السحلية، يخلع أفكاره أو يرفع قضايا أو يقدم بلاغات أو يطلق غازات، أو يصطنع تصريحات غريبة وصادمة، عن تحريم الديمقراطية أو إلغاء الإنجليزية أو إعادة اختراع الصينية يستمر حتى إذا تراجعت الأضواء انصرفت عنه الكاميرا.
أغلب هؤلاء زعماء ظهروا فى غيبة الزعامة، شاركوا فى ائتلافات وحملات رئاسة، نجوم المرحلة وأبطال نسبة المشاهدة، الذين انصرف عنهم المشاهدون. مثلما ينصرف مشاهدو السيرك عن اللاعب الممل. ولهذا يختارون مواعيد وجود الكاميرات وعلى السادة نجوم الخطابات البلاستيكية دماغنا وجعنا دقيقة سكوت لله.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة