رسالة للعنف من طوخ

كانت الاحتفالات تدق بنجاح الدكتور محمد مرسى، وكانت مدينة طوخ بمحافظة القليوبية تشهد حادثا مأساويا، لم يحظ بالاهتمام بالرغم من دلالاته الخطيرة والمأساوية.
شهدت المدينة مصرع ثلاثة شباب بينهم طالب فى كلية الطب ومهندس زراعى بقنبلة يدوية بدائية، كان يتم إعدادها لاستخدامها فى حال فوز الفريق أحمد شفيق بالرئاسة، وتم العثور فى الشقة على أوراق مكتوبة بالإنجليزية لكيفية تصنيع قنابل يدوية وكيماويات فى جراكن ومسامير وزجاج لاستخدامه فى صناعة القنابل، والأخطر أن الشقة لم يتم استئجارها للسكن، وإنما كمكان لممارسة نشاط هذه المجموعة.
بين الضحايا الثلاث اثنان ينتميان للتيار السلفى، وبالتحديد مما يطلق عليهم «أولاد حازم أبوإسماعيل» أو «حازمون»، وهنا بيت القصيد فى القصة، والذى يفرض سؤالا عن الجهة التى تتحمل مسؤولية الوصول بهؤلاء للتفكير فى العنف كوسيلة تعبير عن غضبهم.

قضية نجاح مرسى أو شفيق، هو جزء من القصة وليست كلها، والبداية تعود إلى دخول التيار السلفى إلى المشهد السياسى بشعارات دينية أطلقها قادته، وانتظرت قواعدها تحقيقها على أرض الواقع، ويوما بعد يوم تبين أن فى الواقع فرضيات أخرى، تراها القواعد أنها تعوق تنفيذ ما يؤمنون به، مما قد يرتب عندهم رفض هذا الواقع كلية، واللجوء للعنف كخيار للتغيير.

كان ترشيح حازم صلاح أبو إسماعيل لرئاسة الجمهورية، والفصول التى مرت بها قصة ترشيحه، بمثابة خيبة كبيرة لقطاع واسع من القواعد السلفية، بعد أن ظنت أن الإمساك بالسلطة كاد يقترب إليهم، وتعامل حازم مع قصته بتأجيج مشاعر جماهيره،وتغييب العقل فى النظر إليها، وكان نتيجتها عدم تقبلهم أى حجج قانونية استند عليها رفض ترشيحه، والاقتناع بأن استبعاده تم لأسباب سياسية، وترصد له حتى لا يفوز بمنصب الرئيس، وأدى ذلك بتعميق كراهية المجتمع لدى قطاع ممن صدقوه، وكفر بالديمقراطية قاد إلى التفكير فى العنف كملجأ.

ظهرت حادثة مدينة طوخ، وكان يمكن أن لا تظهر لولا انفجار القنبلة، ومصرع ثلاثة شباب طيبين، توحد اثنان منهم مع أفكارهم بمسؤولية ممن غرروا بهم، ومع الأسى الذى تركوه لأهلهم، ومنه حلم أسرة طالب الطب بأن يكون لهم عنوانا ناجحا فى الحياة، من يدرى كم من حوادث مماثلة فى الخفاء؟