لا حرج فى السؤال، ولا حياء فى العلم، ولهذا من حقى أن أسأل اللواء محمود حجازى عضو المجلس العسكرى ورئيس قطاع التنظيم والإدارة بالقوات المسلحة المصرية عن مواصفات المصرى وشكله وحجمه ولونه ولغته ولهجته وسحنته ولون دمه، وهل الناس الذين يمشون فى شوارع مصر ويأكلون فى مطاعمها ويركبون أوتوبيساتها وميكروباصاتها وسياراتها مصريون حقا أم مصريون «كده وكده»؟ وهل يكفى لكى يصبح المواطن مصريا أن يكون من أبوين وجدين مصريين وأن يكون مولودا على أرض مصر وأن يكون حاملا لبطاقة شخصية وجواز سفر مدون به أن جنسيته مصرية، أم لابد من استخراج شهادة من اللواء حجازى موقعة بإمضاءين من إمضاءات لواءات العسكر لإثبات الجنسية؟
أعتذر إن كانت استفساراتى ساذجة، لكنى قبل أن أسىء الظن حاولت أن أستفهم، لعل ما اعتقدته طوال حياتى خاطئا، ذلك لأنى لم أفهم تصريحات اللواء محمود حجازى التى قال فيها إن المجلس العسكرى يفتخر بأن يديه لم تلوث بدماء المصريين طوال المرحلة الانتقالية، ولأنى لم أشأ أن أكذب سيادة اللواء وأمامى عشرات القتلى ومئات الأمتار من الدماء التى سالت فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء فقلت ربما يكون هؤلاء الذين ماتوا برصاص العسكر ونزفوا على أسفلت التحرير ليسوا مصريين عند سيادته، وامتد الشك بى حينما سألت نفسى عن تلك الجثة الطاهرة لأحد شهداء محمد محمود التى حملتها فوق كتفى، هل هذا الشاب الذى كنت أسمع أنفاسه الأخيرة بالقرب من أذنى مصرى فعلا أم أن هناك مندسين حقيقيين فى الميادين المصرية تقاتل من أجل أجندات أجنبية، وتحركها أصابع خارجية؟
نعم هناك قلة مندسة قوامها عشرات الملايين من أبناء مصر الأوفياء، وهم قلة بالنسبة للسادة اللواءات لأنهم لا يرونهم ولا يتعاملون معهم إلا خدما أو عبيدا، وهم يحملون أجندات أجنبية حقا مدون فيها «عيش حرية عدالة اجتماعية» وتحركهم أصابع خارجية تعبث ببطونهم فى أوقات الجوع والقهر، فسيادته لا يعرف أن هناك كائنات غريبة يعدهم من يعرفون هذا البلد ويحبونها «سكان مصر الأصليين» لكن سيادة اللواء وأشقاءه فى المجلس العسكرى لا يعترفون بهؤلاء ولا يقيمون لهم وزنا، فمينا دنيال ليس مصريا وعماد عفت ليس مصريا والشهيد محمد مصيلحى الذى جرجره عساكر سيادته ووضعوه فى «الزبالة» ليس مصريا، نعم يا سيادة اللواء، كل هؤلاء ليسوا مصريين، لأنك قررت ذلك.
من حقك أن تسأل يا سيادة اللواء وتقول إن القضاء المصرى سيثبت أن المجلس لم يتلوث بدماء المصريين، فأنت أعلم بالقضاء منا، وليس القضاء فقط وإنما القضاء والقدر أيضا، فمجلسك العسكرى يعرف كل شىء عن أى شىء فى أى شىء، وصدقنى لم أتعجب يا سيادة اللواء حينما قرأت هذا الكلام لأنى أعلم تمام العلم أن «الدفاتر بتاعتكوا، والتواريخ فى إيديكوا، ومحدش هيحاسبكوا» وإذا كان السيد الرئيس المنتخب «بحاله» يأتى إليكم مهرولا ويشكركم على حسن إدارتكم للمرحلة الانتقالية، فمن حقكم أن تعتبرونا غير مصريين، فالرجل الذى حصل على أغلبية أصوات المصريين فى انتخاباتكم هرول إليكم مقدما فروض الولاء والطاعة، وختاما أحب أن أقول لسيادتك إنى أعرف أن شرائط الفيديو التى صورت أحداث ماسبيرو لحظة بلحظة من كاميرات مبنى التليفزيون اختفت من تحقيقات قضية ماسبيرو، ولكنى أعرف أيضا أن مشهد الدم فى اليوتيوب لم يكن لينسينا أن يدكم ستظل فى أعيننا ملوثة بالدماء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة