الرسالة الأولى أن الجماعة تعيش قمة انتصارها، وقمة ضعفها، وعليها أن تقدم تنازلات، وتتخلى عن حقها فى السيطرة على السلطتين التشريعية والتنفيذية، والمقعد الرئاسى. أقول حقها مادام جاء عبر صندوق الانتخاب، لكن عملية التحول الديمقراطى المتعثرة، وعدم وجود تقاليد لتداول السلطة، وضعف الأحزاب والمجتمع المدنى وثقافة الديمقراطية، كلها أسباب تدفع للتفكير الواقعى القائم على فقه المواءمة، والعمل المرحلى، واعتماد استراتيجية المشاركة لا المغالبة، وهى استراتيجية واقعية أعلنت عنها الجماعة، لكنها تخلت عنها، ربما تحت تأثير نشوة النصر فى الانتخابات البرلمانية، والطموح الجامح للسلطة.
الرسالة الثانية: هناك حاجة ماسة وسريعة لتحرك عملى من الجماعة لتصحيح أخطائها، والعودة لمعسكر الثورة، واستعادة الثقة المفقودة بينها وبين كل الأطراف التى شاركت معها فى الثورة، ويتطلب ذلك اعتراف الإخوان بأنهم ارتكبوا أخطاء الانفراد بالسلطة فى الانتخابات البرلمانية، وأثناء تشكيل تأسيسية الدستور، وفى الانتخابات الرئاسية. وعلى الجماعة الإسراع بإعلان التزامها بوثيقة العهد، والأفكار التى طُرحت بشأن تشكيل تأسيسية الدستور، وحكومة ائتلاف وطنى نصفها من خارج التيار الإسلامى، وتعيين نائبين بصلاحيات يُتفق عليها من الآن، وتُكتب فى الدستور، إضافة للإبقاء على المادة الثانية من دستور 71، والمواد الخاصة بدور الجيش فى الدولة. وعلى البرلمان سرعة إصدار تشريعات تحقق قدرا من العدالة الاجتماعية، مثل قانون الحد الأقصى والأدنى للأجور، وزيادة المعاشات، وإلغاء الدعم على الطاقة للمصانع التى تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية.
الرسالة الثالثة: الكرة- باختصار- فى ملعب جماعة الإخوان، وعليها أن تستجيب وتلتزم بعقود ومواثيق مكتوبة ومعلنة أمام الرأى العام، لتنفيذ الأفكار والمقترحات السابقة خلال الأسبوع الحالى، ولا داعى للتسويف أو المماطلة، لأن أى تأخير من جانب الإخوان سيضر بالثورة، وربما يؤدى لخسارة مرسى. فأزمة الثقة هائلة بين شركاء الثورة والإخوان، وبين الشعب والإخوان، حيث حصل مرشح الجماعة على أصوات تقل كثيرا عما حصلت عليه فى الانتخابات البرلمانية، وبالتالى فإن الإخوان عليهم تقديم تطمينات كثيرة وتنازلات حتى يمكنهم استعادة الثقة، وكسب العقول والأفئدة، لكن للأسف ظهرت أصوات إخوانية متشددة ترى أن مطالب قوى الثورة مبالغ فيها، وأنها محاولة لابتزاز الجماعة. لكن أعتقد أن المطالب التى اتفقت عليها قوى الثورة هى حقوق، أكثر منها مطالب، كما أنها ليست أطماعا، فشركاء الثورة من حقهم اقتسام السلطة لاستكمال تحقيق أهداف ثورتهم.
الرسالة الرابعة والأخيرة: لا يصح للجماعة، ونحن نطالبها بالعودة إلى معسكر الثورة والإصلاح الديمقراطى، أن تمارس نفس السياسات والأساليب التى كانت متبعة زمن المخلوع فى تعيين رؤساء الصحف القومية، فمجلس الشورى سيختار من بين مرشحى رؤساء مجالس الإدارات والتحرير، ما يعنى عودة صفوت الشريف، ولكن بشكل جديد، فالجماعة ستختار من خلال أغلبيتها فى الشورى الصحفيين المنتمين أو المقربين لها، لذلك لابد من التخلى عن هذا الأسلوب الذى سيؤدى إلى ظهور رؤساء تحرير منافقين، ورقباء على زملائهم، أكثر مما يخلق صحفيين مهنيين، ويكفى الصحف القومية ما عانته من تدهور فى عصر المخلوع.. من هنا لا بد من إقرار حق الصحفيين فى انتخاب مجالس التحرير، ورؤساء التحرير، ويبقى لمجلس الشورى- باعتباره المالك- حق اختيار رؤساء مجالس الإدارات إلى أن يظهر تشريع جديد لتنظيم الإعلام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة