محمد الدسوقى رشدى

يعنى إيه براءة؟!!

الأحد، 03 يونيو 2012 11:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«خوض معركتها زى جدك ما خاض.. صالب وقالب شفتك بامتعاض.. هى كده.. ما تنولش منها الأمل.. غير بعد صد ورد ووجع مخاض».

هذه كلمات المصرى الأصيل صلاح جاهين.. هدية لكل من زاره اليأس والإحباط بعد الحكم الكارثى فى قضية مبارك ونجليه والعادلى ومساعديه، درع وسيف ضد الإحباط وتثبيط الهمم وكل من يروج لأن الثورة انقضت ولم يعد يتبقى لها سوى موكب جنائزى يسبق لحظات الدفن الأخيرة لحلم التغيير والإصلاح والنهضة.. لا تصدق هؤلاء الذين يخبرونك بموت الثورة، فتلك أزمة همتهم وضمائرهم التى ماتت وتخيلوا أن كل أحلام 25 يناير 2011 ماتت معهم.
الثورة لن تحتضر بسبب حكم المستشار أحمد رفعت، ولن تنتهى لأن مبارك والعادلى حصلا على مؤبد، ولن تموت لأن حسن عبدالرحمن وأحمد رمزى رمزى القمع فى زمن مبارك حصلا على براءة برفقة جمال وعلاء.. الثورة مستمرة وسيزورها البعث من جديد بعدما فشل أهل السياسة والقضاء فى القصاص لدماء الشهداء الذين أشعلوها.

السابق من الكلام حقيقة واقعة دعها تستقر فى قلبك وضميرك بعد طرد الشك، أما ما يخص حكم المستشار أحمد رفعت، فلا يمكن أن تتبعه ردة فعل أفضل من تلك الزغرودة التى تطلقها المرأة «اللى مش غرمانة» كما يقول المثل الشعبى الشهير، وأنت قطعا تفهم مدلول المثل، ولا داعى لشرحه حتى لا نتلقى اتهاما بالتعدى على القضاء الذى فهم الناس أخيرا أنه يحتاج إلى ثورة فهتفوا بعد الحكم «الشعب يريد تطهير القضاء». بعد استهلالة المستشار رفعت التاريخية وكلمته الموثقة بخصوص ما فعله مبارك ورموز نظامه فى الوطن وكيف أنهم أدخلوها فى ظلام دامس وجوع وفقر دام 30 سنة، تصورت أن عدالة السماء نزلت على قاعة المحكمة وساحة أكاديمية الشرطة، وأن أحكام المؤبد والإعدام ستنزل من على لسان المستشار رفعت مثلها مثل أمطار يناير، ولكن قاضى محاكمة مبارك أذهل الجميع بتبرئة جمال وعلاء ومساعدى حبيب العادلى الستة، وهى براءة غير بريئة لأنها تعنى أن جهاز أمن الدولة الذى نشر الرعب فى مصر برىء، وجهاز الأمن المركزى أداة مبارك للقمع والسحل برىء، وبالتالى يكون من قتل وعذب واعتقل وسجن المواطنين هو اللهو الخفى.

هل يعقل أن يقول لنا المستشار أحمد رفعت أن مبارك ورموز نظامه جوعوا وأفقروا مصر لمدة 30 عاما ثم يعود ليخبرنا أن عقوبة تلك الجريمة هى المؤبد القابل للتخفيض لرأس النظام والبراءة لباقى رموز النظام الذى وصفه خلال كلمته بأوصاف لا عقاب لها سوى الإعدام شنقا وفى ميدان عام؟ هل يعقل أن تمنح المحكمة البراءة لحسن عبدالرحمن وأحمد رمزى وكأن كل صور مدرعات الأمن المركزى والقنابل المسيلة للغاز والرصاص الحى وكل شهادات التعذيب والاعتقالات كانت فوتوشوب أو أضغاث أحلام وطن بأكمله؟ ألم تشاهد هيئة المحكمة سيارات الأمن المركزى وجنود أحمد رمزى وهم يقمعون الثوار على كوبرى قصر النيل؟ ألم تسأل المحكمة نفسها كيف توجه الإدانة لمن أعطوا الأوامر مبارك والعادلى وتبرىء من قام بتنفيذها من المساعدين؟

أعرف أن البعض قد أخبرك بأن القاضى فعل أقصى ما يمكنه فى حدود ما أتيح له من أدلة تعرض أغلبها للطمس والحرق والتشويه، ولكن أنا أيضا أعرف أن هيئة المحكمة كان يمكنها أن تدخل التاريخ بفضح كل الأجهزة الأمنية والنيابية التى شاركت فى طمس الأدلة وتشويه معالم التحقيقات، وأعرف أيضا أن براءة جمال مبارك فى قضية الاستيلاء على الفيلات بحجة سقوط هذا النوع من القضايا بالتقادم أمر يحرق الدم لأن هيئة المحكمة ومصر كلها تعرف أنه لا أحد فى مصر فى ظل نظام مبارك القمعى وفى ظل اعتقالات وتعذيب أمن الدولة يجرؤ على أن يتقدم ببلاغ يتهم فيه جمال مبارك بالسرقة والاستيلاء على المال العام.

كنا ننتظر محاكمة تاريخية فى عدلها وقصاصها لمئات الأرواح التى سالت دماؤها بغير ذنب، وآلاف الأرواح التى صعدت لبارئها فقرا وجوعا ومرضا طوال سنوات حكم مبارك، فجاء الحكم كعادة كل شىء فى المرحلة الانتقالية غير معترف بأن ثورة ما قد قامت فى مصر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة