1 - إياك.. إياك أن تصدق أن الذين نزلوا إلى ميدان التحرير، فعلوا ذلك كردة فعل غاضبة على الأحكام الصادرة بخصوص مبارك والعادلى وبراءة المساعدين الستة وجمال وعلاء، إياك أن تصدق الكلام الدائر حول أن شباب المتظاهرين «بيتلككوا» للنزول إلى ميدان التحرير، وتأجيل تسليم السلطة وتخريم عجلة الإنتاج، ونشر الفوضى..
الذين نزلوا إلى الميدان غاضبون بالفعل من حكم براءة مساعدى العادلى الستة وجمال مبارك، وهى غضبة حق من حكم لم يقترب من أدنى مراتب القصاص لدماء المصابين والشهداء، ولكنهم أيضا لجأوا إلى ميدان التحرير كنتيجة لغضب أكبر من مجمل أعمال المرحلة الانتقالية التى جاءت مرتبكة وفاشلة، بسبب المجلس العسكرى، والقوى السياسية ليبرالية أو يسارية أو إخوانية أو حتى ثورية.
جذب الميدان المحبطين من مرحلة انتقالية تلفظ أنفاسها بفزورة قاتلة بين مرشحين، يحمل كتف كل مرشح فيهم أطنانا من الملاحظات والأداءات والتصريحات التى تثير الخوف والريبة وتجعل عملية التصويت فى جولة الإعادة بمثابة عذاب الاختيار بين المرّ وماهو أكثر منه مرارة لا ممارسة ديمقراطية.
2 - الدكتور محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان المسلمين الذى نزل إلى ميدان التحرير لينال حظه من الحمل فوق الأكتاف، وهو الذى لم يتم ضبطه فى صورة أو تسجيل مصور داخل الميدان فى الأيام التى كان المكوث فى الميدان عملا بطوليا مثلما فعل شباب الإخوان، وبعض القيادات مثل البلتاجى وغيره، أطلق تصريحا ناريا، وعد فيه بإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه فى حالة إذا فاز بجولة الإعادة وأصبح رئيسا لمصر.
تصريح الدكتور مرسى الشعبوى والانتخابى والاستعراضى، يمكنك أن تفهمه عبر ثلاثة طرق.
الأول أنه تصريح انتخابى أطلقه الدكتور مرسى فى ظل فورة حماس لاستكمال صورته التى يسعى لبنائها خلال الفترة الماضية كبطل شعبى، ومرشح أكثر ثورة، وكرها لنظام مبارك من الثورة والثوار أنفسهم.
والطريق الثانى لفهم تصريح الدكتور مرسى بخصوص إعادة محاكمة مبارك، يمكن تلخيصه فى أن الدكتور مرسى قرر الدخول فى لعبة المزايدات التى كان الإخوان دوما يتهمون القوى الثورية باحترافها، الأزمة الوحيدة أن الدكتور مرسى، أراد أن يغازل من خلف تصريحه هذا جموع الغاضبين والمتظاهرين، وأن يكسب المزيد من الأبناط الانتخابية، حتى ولو كان ذلك على حساب القضاء المصرى الذى تعرض للتشكيك والطعن فى نزاهته وشرفه، بسبب تصريح المرشح الرئاسى، الذى خالف فى ذلك التصريح كل تصريحاته السابقة التى طالما أزاد وأفاض فيها عن عظمة وشموخ القضاء المصرى.
يمكنك أن تفهم تصريح الدكتور مرسى عبر طريق ثالث، يقول بأن الدكتور وهو يعد بإعادة محاكمة مبارك ورموز نظامه، لم يقم باستشارة أهل القانون المقربين منه، وطغت حماسته عليه لدرجة إطلاق تصريح بهذا الشكل، يمكنك أن تستشف من خلاله أن الدكتور غير ملم بالقانون ولا تفاصيله طبقا لتأكيدات المستشار محمود الخضيرى الذى أكد عدم جواز إعادة المحاكمة قانونيا.
الأخطر من كل ذلك أن تصريحات إعادة المحاكمة التى وردت على لسان الدكتور مرسى تتناقض تماما مع وعوده الرئاسية التى أطلقها حول ضرورة الفصل بين السلطات، وكان هو أول من يقرر التعدى على سلطة القضاء بطلب إعادة المحاكمة، وإذا كان الدكتور يقصد من وراء وعد إعادة المحاكمة، أنه سيعيدها فى شكل محاكمة ثورية، فهو وعد غريب من مرشح جماعة، طالما انتقدت عبد الناصر وجرمته بسبب المحاكم الثورية، وطالما انتقدت مبارك نفسه بسبب لجوئه إلى المحاكم العسكرية والاستثنائية.
باختصار الأمر بالنسبة للدكتور مرسى يشبه «خانة اليك» التى أراد أن يصنعها بتصريح شعبى ساخن ومثير لكسب ود القوى الثورية، فكان هو منها أول الخاسرين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة