أشعر أن صوت العقل غير مرغوب فيه فى هذه المرحلة الانتقالية، وأن الصراحة والوضوح والخطاب الوطنى البرىء من كل شائبة مرفوض ومطارد بالتشويه والإدانة، وكأن المرحلة الانتقالية التى نمر بها، هى أيضا مرحلة انتقالية فى الأخلاق والقيم، من السيئ إلى الأسوأ، تنزاح فيها منظومة الفساد والعدمية والتحلل من كل شىء لتحل محلها منظومة أخرى من الانتهازية والبذاءة والادعاء والمزايدة الرخيصة والبحث عن المكاسب الشخصية والحزبية الضيقة بأى شكل وبأى صورة.
لماذا هذه المقدمة وأنا أكتب عما يجرى لنا وفينا بعد حكم المستشار أحمد رفعت فى قضية قتل المتظاهرين والفساد المالى المتهم فيه الرئيس السابق حسنى مبارك وابنيه علاء وجمال والعادلى، و6 من مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم؟ لأن ردود الفعل على الحكم الصادم لنا جميعا، أفرزت نوعا من الهياج الغاضب، بدلا من احتشاد القوى السياسية لمواجهة الحكم فى القنوات المحددة للتقاضى، حتى وصل الأمر إلى إطلاق الدعوات غير المسؤولة من السياسيين الانتهازيين والمشتاقين إلى السلطة باجتياح طرة والقصاص بأيديهم أو بمطالبة المجلس العسكرى بإعادة المحاكمة أو بالدعوة إلى العودة للثورة من جديد وإقامة محاكمات ثورية لمبارك ونظامه.
لم يسأل واحد من السياسيين الذين نزلوا ميدان التحرير إثبات حالة أو تمسح به للحصول على مغنم أو نزل واستأجر له من يحمله قليلا على الأعناق حتى يظهر على شاشات الفضائيات، لمن نوجه الاتهام ومن المستهدف بالثورة؟
الاتهام موجه الآن وبقوة للقاضى الشريف المستشار أحمد رفعت والاتهامات تتوالى عليه والنصال تطعن فى طبيعة الحكم، بينما الرجل الشامخ لم يحكم إلا وفق نظام التقاضى ونصوص القانون الجنائى ومن خلال الأوراق التى وضعت أمامه من قبل النيابة العامة، وفى ظل الدفوع التى تقدم بها جيوش المحامين من الجانبين، فهل نطالبه بأن يقيم محكمة استثنائية ثورية تحكم بما نتمناه جميعا أم نطالب بمحاسبة المسؤول عن تقديم قضية مهلهلة للقضاء؟
حالة الغليان الشعبى التى يشهدها الشارع تحتاج إلى مجموعة من الإجراءات الفورية فى مقدمتها تقدم النيابة العامة بالطعن على الحكم، وإعادة تنظيم صفوف المحامين الأشاوس للإيقاع بالمتهمين بدلا من إدمان الظهور فى برامج التوك شو.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة