فى زمن الفتنة الكبرى والأحداث الجسام أنت وأنا ونحن جميعاً بحاجة أحياناً لأن نشرد بأحلامنا وبأفكارنا إلى المستحيل أو إلى السخرية، ولو استطعنا أن نجمع بين الحسنيين، المستحيل والسخرية لكان ذلك هو المراد من رب العباد، ولذا فما هو قادم لا جد فيه وهو المستحيل بعينه، ولكنه مجرد محاولة شاركنى فيها.
فى فيلم «غزل البنات» راحت ليلى بطلة الفيلم تعدد لأستاذها أستاذ حمام كان وأخوتها فقالت إن أخوات كان هى: أصبح وأمسى وأضحى ومازال وما انفك ثم أخيراً ما انحل، وهنا صرخ الأستاذ مافيش ما انحل دى مش من أخوات كان خالص.. تذكرت هذا المشهد ومصر ونحن معها نعيش فى تلك الأيام فى حالة ليس لها من وصف إلا استخدام بعض من كان وأخواتها الحقيقية أو التى ابتدعتها ليلى مراد ولكن دعنى أرتبها هكذا فى عبارة: فللحق على من فك أو من حل أن يفك أو يحل، طبعا حضرتك قد تقول فى نفسك ما هذه الخزعبلات ولكن توقف وقبل التطاول دعنى أوضح لحضرتك المشهد كما أتصوره.. فنحن الآن أمام قوتين ومن العجيب أنهما محلولتان الأولى هى جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قانوناً منذ عام 1954 والتى على وشك أن تدخل سباق التصفية النهائية للرئاسة، أما القوى الأخرى المواجهة فيمثلها الحزب الوطنى المنحل قانوناً أيضاً وهو الضارب فى جذور بلاد النيل منذ ثلاثة عقود وهو الآخر دخل فى نهائى الرئاسة.
إذن نحن أمام قوتين منحلتين وغريمتين تقليديتين ما انفتئتا تتعاركان، ومجلس عسكرى حاكم نصف قلبه مع الماضى والنصف الثانى ينظر للمستقبل، والشعب حائر وتم إرهاقه مادياً ومعنوياً وجسدياً، وتحيطه نخبة طفت على السطح مع بدايات الثورة يغنى كل منها على ليلاه، وتزيد حيرة الشعب معهم ومنهم أكثر وأكثر.
الوضع الآن على من حل أن يفكه، يعنى بالعربى وبالعملى يجلس الاثنان المنحلان مع بعضهما البعض ويحلوها، وبالتأكيد مطلوب ألا يكون الحل بتقسيم مصر بينهما، ولكن بأن يحلوا عنها ويفكوا أسرها ويتركوها لحال سبيلها تلملم ثيابها وتواسى أبناءها وتضمد جراحها وتدفن أحزانها ويا ليتهم يأخذون فى أيديهم من طفوا على سطحها مؤخراً.
أعرف جيداً أن تلك أضغاث أحلام فى زمن الفتنة الكبرى وعود على بدء إن ما ذكرته هو المستحيل المسخرة.