محمد الدسوقى رشدى

ترشيد الهتاف فى ميدان التحرير

الجمعة، 08 يونيو 2012 09:09 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تجادل ولا تناقش فى مسألة بقاء العسكر على كرسى السلطة من عدمه، تلك مسألة فصل فيها التاريخ وحسمتها الذكريات لصالح بقاء العسكر على الجبهات وداخل الثكنات، فالدبابات ياسيدى لا تعرف سوى الدهس والهرس، وهكذا حال راكبيها.. وهكذا أيضا يمكنك أن تلتمس لهم العذر، ويمكنك فى الوقت نفسه ألا تلتمس لهم أى أعذار، فى حالة سعيهم نحو السلطة أو رغبتهم فى البقاء داخل قصور الرئاسة.

بقاء أى رجل يحمل على كتفه نسرا أو دبورة أو سيفين فوق كرسى رئاسة دولة، لمدة يوم أو حتى ساعات أمر محفوف بالمخاطر، حتى لو كنا بحاجة إليه وحتى لو كان بقاؤه فى السلطة هو الحل الوحيد، لأن الأمر هنا يشبه لجوء المريض إلى دواء يذهب عنه الألم سريعا، ولكن تأثيره الجانبى يظل غير مأمون العواقب، دعنى أذكرك بجمال عبدالناصر وروعته وأحلامه وقدرته على القيادة، وأدفعك لأن تكتشف أن مبارك وعصره وفساده كان أحد الآثار الجانبية لحكم عبدالناصر.

طريق الديمقراطية والنهضة الذى نبحث عنه لا يمر أبدا من داخل وحدات الجيش ولا من أسفل «بيادة» لواء، ولذا تصبح مطالب رحيل العسكر بشكل عاجل منطقية وحقا واجبا للباحثين عن دولة مدنية ديمقراطية، سواء كانوا إسلاميين أو ليبراليين أو يساريين أو حتى «مالهومش فيها».. ولكن تبقى المشكلة الآن فى وضع إجابة بعد علامة استفهام سؤال.. إزاى يرحل المجلس العسكرى؟؟!

أى طريقة لرحيل المجلس العسكرى تبدو مقبولة، وفى حد ذاتها، انتصارا للديمقراطية ومدنية الدولة، ولكن بعض الخيارات المطروحة على الساحة أو أغلبها «مر».. وسبب مرارته أنه يطرح سيناريو الخلاص من العسكرى مصحوبا بآثار جانبية، تهدد فكرة ديمقراطية الدولة ومدنيتها، وربما تعود بالعسكر مرة أخرى لصدارة المشهد عبر طرق جانبية.

الخيار الذى عاد للطرح فى ميدان التحرير مجددا ويتكلم عن مجلس رئاسى انتقالى توافقى، يبدو بعد أن قطعنا نصف شوط الانتخابات الرئاسية وارتضت به أغلب الشخصيات المرشحة لعضوية هذا المجلس الرئاسى خيار عاطفى وطفولى، ليس فقط لأنه لم يوضح آليات تشكيل المجلس الرئاسى، ولكن لأنه غفل عن أن هذا المجلس شاء من شاء وأبى من أبى سيضم عضوا عسكريا، أى ستظل القوة داخله للعسكرى الذى يقف خلفه جيش جرار، وسيضم ممثلا أو أكثر للقوى الإسلامية، ويعنى أيضا أن الرؤية المشتركة بين العسكرى والإسلاميين، ستجعل الكفة داخل المجلس الانتقالى فى الوضع نفسه الذى هى عليه الآن، وقبل كل هذا وذاك كيف ستنجح قوى فشلت فى تطبيق قانون العزل خلال شهور وبعضها قال فى فيديوهات مثبتة بالصوت والصورة أنه ضد تطبيقه لأنه ضد الديمقراطية فى تطبيقه خلال أيام؟ وكيف ستنجح قوى سياسية –فشلت فى التوافق على قوائمها الانتخابية سواء البرلمانية أو الرئاسية- فى التوافق على مجلس لإدارة شؤون البلاد؟!

الخيار الآخر والذي يبدو كثير المرارة ولكنه أكثر منطقية يتحدث عن استكمال طريقة الانتخابات وجولة الإعادة، التى تبدو نتائجها غير طيبة فى ظل نظرة متأملة لطرفى السباق أحمد شفيق ومحمد مرسى، واللجوء إلى هذا الخيار الصعب يحافظ على ما تبقى من صورة القوى والمرشحين الثوريين ولكنه يحتاج قبل الموافقة أو الاستسلام له وضع خطة لإعادة صياغة تشكيلات وحركات وأحزاب الثورة وتحويلها إلى قوى سياسية فاعلة قادرة على مواجهة السلطة القادمة والاستعداد لاقتناص السلطة فى الانتخابات المقبلة، والكلام هذه المرة يبدو منطقيا إذا وضعنا فى الاعتبار عدد الأصوات والشعبية التى حصل عليها حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح وقابلية تحويل كل ذلك إلى تيار سياسى ثورى قوى قادر على مواجهة السلطة أيا كان رأسها شفيق أو مرسى، عبر مسار ديمقراطى واضح يعيد للثورة هيبتها عند أهل البيوت.

كل ما سبق من كلام لا يعنى أبدا الاستسلام لفكرة سيطرة العسكر أو استحواذ الفلول أو الإخوان على السلطة، ولكنه دعوة إلى التفكير فيما نهتف به، قبل أن نمنح أحبالنا الصوتية الإذن بالصراخ به فى الهواء الطلق، دعوة إلى إعادة تقييم ودراسة وتجهيز عقل الميدان، ليصبح على نفس مستوى قلبه المملوء بالحماس والأحلام.. والإخلاص.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة