لن أقول لك.. انصر دينك وانتخب مرسى أو أنقذ الثورة بالإخوان.. لن أستخدم تلك الشعارات الفارغة.. سأقول عبارة واحدة فقط.. تذكر ذلك الرجل الذى كان يمضغ علكته ويهل عليك كل صباح فى التليفزيون ليعدك بالبونبونى بينما أنت تطلب الحرية.
تذكره أيضا حين خرج عليك بقبح مباغت ورأى أن استبدال ميدانك وموطأ دمك بهايد بارك بديلا عن معارضة نظام عاش ليحميه.. ثم أطلق لخيالك العنان وتخيل مانشيتات الصحف الأجنبية بعد نجاحه وهى تسخر منك ومن ثورة هى أعز ما امتلكت ولا تلوم إلا نفسك.. وأخرج كلامى من أذنك اليسرى وأذهب لتغمس أصبعك فى دماء الشهداء لتعود فى المساء تحتسى قهوتك وأنت تسرد ذكرياتك معهم.
لن أحدثك عن مشروع النهضة الذى لم أقرأه ولن أطيل عليك فى شرح مآثر الإخوانى التى لا أؤمن بها بطبيعة الحال، إنما سأقول لك فقط.. إن أحلامك فى التغيير وهتافك مدنية مدنية.. سيشهد عليك يوم القيامة.. وأنت تختار عسكرى طأطأت رأسك من نظامه أكثر من 60 عاما ثم استدر وابحث فى مكتبتك عن كتاب "الثورة الرومانية" واقرأ ما بين السطور وأضف لها فصلا جديدا ملونا بالكثير من الدماء والمزيد من حريتك التى ستظل فقط حبرا على ورق.. وانسى كلامى كأن لم يكن.. وأذهب وضع علامتك أمام السلم ولا تسألنى عن مستقبل صعودك عليه لأنك تعرف بلا شك.
لن أدعى نجاح البرلمان ولن أخفى مخاوفى من هيمنة الإخوان على الدولة ولكننى سأقول لك فقط أن العلماء ابتكروا مبدأ "التجربة والخطأ" فإذا جربت 30 عاما فعليك أن تتعلم من الخطأ دون أن تجادلنى كالسفسطائيين فى عهد أفلاطون لتقول "ده مكانش من النظام" وأنت تعرف فى قرارة نفسك إنك تكذب.
سأنصحك أن تنحاز للتغيير لعله يصيب ثم تنسى كلامى وتمسك بيدك الريموت كنترول لتسمع إعلان "مصر محتاجة قائد" فتأخذك الحمية وانبهارك بالبدلة العسكرية لتصحو متحمسا وتختار الفريق.. وأنت تحمل ثقبا كبيرا فى الضمير.
لن أدعوك لتفعل ما لا تطيق ولن أبذل مجهودا فى أن إقناعك بما لا تحب ولكن دعنى أقصص عليك حكاية ذلك الرجل الذى أوذى فى عرضه يوم اقتادوه لأمن الدولة من فراشة الشتوى وتفرغوا للتهديد باغتصاب زوجته.. بينما كان "فريقك" يمارس دأبه المعتاد فى التصفيق لمبارك وأنت تلعن الرجل ومن حوله.. ثم أخرج كلامى من أذنيك وتذكر أن "أمن الدولة من مواصفات الدول المحترمة" واذهب لتختاره وأنت تلعن ذكرى زوار الفجر وجحافل الأمن المركزى تهددك عسى أن تراها غدا.
لن أضغط على أعصابك لأدعوك أن تفعل ما لا تطيق وأن تختار ما لا يتناسب مع أيديولوجيتك.. ولكننى فقط سأذكرك بتلك الليلة التى وقفت تهتف فيها "يسقط حكم العسكر" وأنت تحاول استنشاق أنفاسك بينما يهاجمونك بقنابل الغاز وأنت تتطوع فى المستشفى الميدانى لإنقاذ الشهيد.. ثم اذهب والعن كل ذلك.. وانحاز لإيديولوجيتك ولا تبالى بحكم العسكر أو غيرهم... وتنفس الصعداء وأنت تختار "الفريق" ولا تنزعج إذا تحشرجت أنفاسك بقنابل الغاز فى اليوم التالى فهكذا أردت لنفسك.
لن أدعوك لتنتخب مرشحا وصفوه بالاحتياطى ونال من السخرية ما لا يحتمله بشر.. ولكننى سأسألك عقب 24 ساعة عن الأمن الذى عاد فجأة بينما تسيل دمائنا على الأرض وسأصحبك فى نزهة للمطار الأسطورى لتلتقط صورا هناك وتقنع نفسك أن إنجازا بهذا الحجم يمحو الذنوب والكبائر والانضمام لأنظمة فاسدة والنيل من الحريات والثورة واتخاذ من خرجت ضده مثلا أعلى.. ثم هرول إلى مقارك الانتخابى واختر الشفيق.. وانفث دخانك فى الهواء وأنت تلقن أولادك "للآسف الثورة نجحت".
لا تفعل أيا مما سبق وتذكر أنى واحدة من "العيال اللى خربوا البلد" يوم هتفوا لأجلك فى التحرير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة