الناس فى حاجة إلى أمل، وسط حالة من الحيرة، والضبابية. حيرة أمام إعادة انتخابات الرئاسة، وأمام مواقف سياسية متضاربة، من جماعة الإخوان، ومن مرشحين خسروا فى انتخابات الرئاسة، وعادوا يتحدثون عن استعادة روح الثورة، دون أن يقدموا تصورات لهذه الاستعادة. تحدثوا عن مجلس رئاسى، ثم عادوا وتراجعوا، وأعلنت الجماعة رفضها. وحتى العزل فإن تطبيقه يعيد الانتخابات، ولا يعرف أحد موقف الجماعة ومرشحها على أبواب الإعادة. وهل يؤيدون تطبيق العزل كما يطالب بعض قياداتهم فى المظاهرات، أم أنهم يفضلون مواصلة الشوط والوصول إلى الرئاسة. أم يريدون العزل بدون إعادة؟
لا يمكن تجاهل تعثرات تشكيل الجمعية التأسيسية وكتابة الدستور الذى يوافق كل المصريين، ويتسبب تأخره فى مضاعفة الشعور بالحيرة والإحباط، فى أجواء الصدمة من الحكم على مبارك والعادلى، والتعامل معه قانونيا وشعبيا.
اجتمع أبوالفتوح وحمدين وخالد على مع مرشح الجماعة الدكتور مرسى، وخرجوا ليعلنوا عن اتفاقات، ولم يعرف الجمهور نتيجة واضحة. الاجتماع الذى سلطت عليه الأضواء بين مرسى وحمدين وأبوالفتوح والنشطاء، تشتت مطالبه بين إعادة الانتخابات والمجلس الرئاسى الذى تراجع عنه حمدين وأبوالفتوح، وقالوا إنه ليس مطلبهم. اشتعل الميدان مساء الاثنين بخطابات حماسية من حمدين وأبوالفتوح وخالد على وانفعل الحضور، وانفضت الليلة من دون تحديد هدف لمليونية انعقدت وانفضت هى الأخرى. خالد على أعلن رفضه للعزل واعتبر القانون نوعا من تفصيل القوانين، لكنه عاد بعد خسارة الانتخابات ليطالب بتطبيقه، لقد وقع المرشحون السابقون فى أخطاء وتناقضات، وقالوا آراء عكس آرائهم السابقة.
أعلن بعض النشطاء بعد لقاء الميدان الاعتصام أمام مجلس الوزراء ومجلس الشعب انتظارا لتطبيق قانون العزل، والقانون نفسه أمام المحكمة الدستورية التى حددت له 14 يونيو. وفى نفس اليوم إعلان موقف الدستورية من حل مجلس الشعب، وهو ما يشير لنتائج متوازية ومتناقضة، ربما تبقى الوضع على ما هو عليه، أو تعيد الكرة.
والميدان ليس زحاما مصمتا، وفيه ذكاء يفرق بين الحق والادعاءات. والناس فيه منقسمون مثلما الشارع نفسه منقسم، ولا يمكن إنكار أن هناك قطاعا واسعا يرى أن الجدل السياسى يتجاهل مشكلات الفقر والعلاج والبطالة والحياة اليومية، كل هذا الجدل موجود فى الميدان، ولا يمكن اختصاره فى مطالب «الرؤساء السابقين». أو المعتصمين أو الداعين.
أهم ما فى ميدان التحرير هو التوحد حول المستقبل، خاصة هؤلاء الذين لم تسرقهم النجومية، ولم يتربحوا من الثورة، هم الأصدق من السياسيين، لأنهم ليسوا مرشحين للانتخابات، ولا يقيسون مواقفهم بموازين مصالحهم الشخصية، ويمتلكون قدرة على التمييز بين ما هو معلن وما هو مخفى، وبين المطلب والمناورة.
لقد كان الأمل بعد نتيجة المرحلة الأولى من الرئاسة، أن يبدأ تكوين الطريق الثالث لتيار سياسى لا ينتمى للقديم، ويعطى أملا للمستقبل، وسرعان ما اتجه المرشحون السابقون لسكة اللى يروح ولا يرجعش، وعليهم العودة إلى طريق بدون مناورات.