لا تصدق كل ما تسمعه أو تراه فى موسم الانتخابات، فدائما هناك جزء ناقص من الصورة، فيديوهات، وتسجيلات مضادة، وعبارات مقتطعة من سياقها، حديث المرشح قبل الانتخابات يختلف عن حديثه بعدها، والفائز يختلف عن الخاسر. الكذب وعود، والمناورة وجهة نظر.. لا تحالفات دائمة، ولا خصومات دائمة، إنما مصالح مستمرة. كل طرف ينشر ما يخصه ويؤيد وجهة نظره، كاميرا من زاوية، لكل فريق فضائيوه ومحللوه، وكاميرا واحدة لا تكفى.
والمواطن فى حيرة أمام أنصاف أقوال وأنصاف صور، فضلا على تهديدات، بأنه لو رشح فلان فهو خائن، ولو صوت لعلان فهو كافر، وعليه أن يسعى للحقيقة بعيدا عن التخويف والاتهامات.
فقد رأينا كيف تحولت المنافسة بين حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح إلى عداء قبل انتخابات المرحلة الأولى، وفرش كل ألتراس مرشح للآخر ملاية، واستخدام ما هو مشروع وغير مشروع من أسلحة، بالرغم من أن كل من أبوالفتوح وصباحى كانا مدعوين للنزول معا والتحالف للفوز المنتظر، وهو ما لم يحدث وخسرا فعادا ليجتمعا بعد فراق.
وفى الإعادة يقدم الدكتور محمد مرسى نفسه على أنه الأصلح وأن خصمه شفيق هو الشيطان، وشفيق ينزع عن مرسى كل ميزة، لكن المنافسة حولت الانتقاد من المرشحين إلى الشعب، فقد خرج من بين حملة مرسى ليتهم من صوتوا لأحمد شفيق بأنهم خونة، أو خارجين عن الملة، بالكفر أو الخروج عن الملة، نفس الأمر من حملة شفيق حيث يتهمون من يصوت لمرسى بأنه يساند مشروع جماعة الإخوان، والحقيقة أنه لا مرسى ولا شفيق هو مرشح أحلام الأغلبية التى صوتت لغيرهم، لكن أطاح سوء التقدير بهم.
هناك من يرفض الاثنين ويوجه لهما الانتقادات ومن يشعر بالحيرة، ويرى أن تجربة الإخوان حتى الآن ليست مبشرة بعد حصولهم على الأغلبية. أما شفيق فهو محسوب على نظام مبارك ومتهم بالعمل ضد الثورة. يشعر مواطنون من الأغلبية بالحيرة إذا انتقدوا الإخوان وأداءهم يصنفون على أنهم يساندون شفيق، وإذا انتقدوا شفيق وعمله مع مبارك يصنفون على أنهم يساندون الإخوان.
الحيرة واردة لأن كلا المرشحين يمثل الماضى أكثر مما يمثل المستقبل، وفى حال استمرارهما معا فإن من حق المواطن أن يستفتى ضميره ويختار ما يطمئن له قلبه، بعيدا عن التهديد والإرهاب واتجاه الكاميرا الواحدة.
كاميرا واحدة لا تكفى، وفيديو واحد لا يقدم الحقيقة، هناك دائما نصف غائب، وفى عصر السماوات المفتوحة والأدمغة المفتوحة تختلط الحقيقة بالكذب، أنت مواطن كامل الأهلية، وأنت الوحيد المسؤول عن صوتك، وما لم تقض المحكمة بإعادة الانتخابات، أو حتى أعادتها، استفت عقلك وقلبك واختر من تشاء، أو اتخذ قرارا بالمقاطعة أو إبطال الصوت، لا تستمع لمن يتهمك وهو ليس بريئا، ولا من يخيرك وهو مجبر أو متكسب.. لأنك وفى كل الأحوال سوف تتحمل النتيجة.