مازلنا نؤكد ونطالب بأن يكون الرئيس الجديد الدكتور محمد مرسى، رئيسا لكل المصريين فعلا وقولا وليس رئيسا لحزب أو عضوا فى جماعة منتميا إليها ومعبرا عن أفكارها، فقد انتخبه %51 من الشعب المصرى وغالبيتهم ليسوا من الإخوان ولا ينتمون إليها، بل إن جزءا كبيرا منهم ينتمى لتيارات وأفكار سياسية تختلف فى توجهاتها مع جماعة الإخوان سواء كانوا يساريين أو ناصريين أو ليبراليين، وصوتوا له فى مواجهة رمز من رموز النظام السابق.
مرسى هو الرئيس الآن لكل المصريين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية، وهو قادم لحكم مصر لتحقيق التوافق الوطنى حول أهداف ثورة يناير، وتحقيق المصالحة الوطنية مع كل التيارات السياسية، لا أن يأتى محملا بعقد الماضى ورغبة الثأر والانتقام منه بحكم انتمائه لجماعة لديها ثأر سياسى مع حقبة تاريخية مهمة فى تاريخ مصر وهى حقبة حكم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
ما نتمناه من الرئيس الجديد أن ينزع عن نفسه عباءة الجماعة وألا يقحم نفسه فى صراع تاريخى ويطرق أبواب الماضى من جديد ويفتح الباب للشيطان الذى يسكن فى تفاصيل التاريخ فى وقت تحتاج فيه مصر للاصطفاف الوطنى للنهضة والتنمية والاستقرار، وليس للانقسام والفتنة.
أقول ذلك بعدما جاء فى خطاب الرئيس مرسى الحماسى والشعبوى الذى كاد أن يخلع فيه سترته فى ميدان التحرير وألمح فيه إلى مؤسس جماعة الإخوان الشيخ حسن البنا دون أن يذكر اسمه صراحة، حيث أكد «أن الثورة بدأت على يد رجال طالبوا بالحرية وغرسوا بذورها بدمائهم، وأحيى رجال عشرينات القرن الماضى باعتبارهم بداية الدعوة إلى الحرية»، ثم أشار إلى الزعيم جمال عبدالناصر بقوله «الستينيات، وما أدراك من الستينيات» فى إشارة استقبلها الكثير من الناصريين على أنها هجوم على فترة الستينيات وعبدالناصر.
ونحن هنا لا نفتش فى النوايا وما كان يقصده الرئيس مرسى بتلك العبارة التى قد يساء فهمها وبالتالى تستوجب توضيح المغزى والقصد، لأن تلك العبارات الرئاسية قد تؤخذ على أنها موقف مسبق من رئيس الجمهورية تجاه زعيم وطنى وفترة تاريخية استثنائية حققت الكثير من الإنجازات التى مازال الشعب المصرى يشهد لها ولا مجال هنا لسرد تلك الإنجازات، الانتقام وتصفية الحسابات والثأر من التاريخ ليس هو المطلوب من الرئيس.