أتعجب من الذين تسابقوا فى وصف قرار الرئيس محمد مرسى بإلغاء حل البرلمان بـ«التاريخى»، وأتعجب من الذين يتسابقون فى تسخير القانون لصالح مكاسب سياسية «وقتية»، وأتعجب من تناول البعض بأن ما حدث من الرئيس هو انتزاع لسلطاته من المجلس العسكرى، دون النظر إلى أن هناك حكما من المحكمة الدستورية ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب، ضرب الرئيس عرض الحائط بتنفيذه، بالرغم من قسمه كرئيس للجمهورية باحترام وصيانة القانون والدستور.
يذهب قانونيون إلى أن قرار عودة المجلس هو سلطة للرئيس باعتباره سلطة تنفيذية، لكن يغفل هؤلاء أن قرار الحل جاء بناء على حكم محكمة، وإذا كان الرئيس قد استخدم حقه «التنفيذى»، فإنه تجاهل حق المحكمة، وتعامل مع حكمها بمنطق أنه «ورقة اللى كتبوها يبلوها ويشربوا ميتها».
فى منطق ما يسمى بـ«خبراء القانون»، الذين يزفون البشرى بقدرة الرئيس، لا تجد إلا كلاماً يعبر عن الهوى السياسى، أما فى منطق السياسيين الذين يتحدثون عن «الشرعية الثورية»، فلا تجد إلا فن الكلام الذى يقود إلى صناعة طغاة جدد، وذلك بالحديث عن أن مجلس الشعب تم بانتخابات حرة ونزيهة، وأن النواب جاءوا بإرادة شعبية عبر صندوق الانتخاب.
يغفل هؤلاء أنه مهما كان الحديث عن الانتخابات النزيهة، فإن مجرد إتمامها وفقا لقانون باطل، هو التزوير بعينه، وأن القفز على حكم قضائى يبطل هذا القانون هو بلطجة سياسية بامتياز، ورحم الله المحامى كمال خالد الذى حصل على حكم قضائى من المحكمة الدستورية، بإبطال قانون الانتخابات دورتى 1984 و1987، ولم يستطع مبارك أن يتجاهل تنفيذهما، وها نحن بعد ثورة عظيمة نجد نفس الحكم من نفس المحكمة، لكن الرئيس المنتخب يدوس عليه بكل سهولة، وسط زفة من الفرحة لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة» وباقى أحزاب قوى الإسلام السياسى.
لم يعد الرئيس مرسى رئيساً لكل المصريين، وإنما أصبح رئيسا لـ«قوى الإسلام السياسى» ومن يدور فى فلكهم، أما القول عن أن قراره يعبر عن مطالب للقوى الثورية، فهو عبث حتى لو أيده بعض نشطاء الثورة، خاصة أن هناك رموزا ثورية محترمة رفضت هذا القرار، مثل الدكتور محمد البرادعى وحمدين صباحى والدكتور حسام عيسى والدكتور أيمن نور، وهؤلاء لا يستطيع أحد أن يشكك فى ثوريتهم إلا موتورين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة