إثباتا للثورية، حرص الرئيس المصرى المنتخب محمد مرسى على أن يذهب إلى ميدان التحرير ليقف وسط الحشود الإخوانية مؤديا القسم الجمهورى وفاتحاً جاكتته للهتافات مستعرضاً بأنه لا يلبس قميصا واقياً وأنه لا يخاف من الموت، والحقيقة أن هذه الحركة المسرحية أكسبته شعبية لا بأس بها حتى شبهه البعض بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مستدعين نفس المشهد تقريباً حينما وقف عبدالناصر فى المنشية بالإسكندرية متحدياً الرصاص الإخوانى وقائلاً قولته الشهيرة: «هيا اقتلونى.. هيا اقتلونى.. فإن مات جمال عبدالناصر فكلكم جمال عبدالناصر».
برغم أن الفرق كبير بين من يفتح صدره للرصاص الإخوانى ومن يفتح صدره للهتاف الإخوانى، لكن على أى حال فقد أسهمت تلك «الحركة» فى تدعيم وجهة نظر من يدعون أن مرسى رئيس «ثورى» وانتظرنا من هذا الرئيس الثورى المؤيد من الملايين ألا يخيب ظن من أحسن به الظن، لكن ها هى الأيام تدور وها هى القرارات تتوالى، ولا أثر لثورة ولا ثورية فى قرارات مرسى، فنظرة واحدة فى قراراته وستتأكد من أن مرسى الذى هلل له إخواننا من الثوار لا يمت للثورة بصلة من قريب أو بعيد، اللهم إلا إذا كانت الثورة تعنى «الأخونة» فقد بدا متحمساً فقط لأولويات الجماعة وأوامرها، ففى حين خرج «الشاطر» بما أطلق عليه الإخوان مكتسبات «الثورة» وهى فى الحقيقة بنود «الصفقة» اكتفى مرسى بـ«لجنة» لبحث حالة المسجونين فى سجون العسكر بمحاكمات عسكرية، وصمت حتى الآن على وقوع أول محاكمة عسكرية فى عهد الرئيس الجديد لثوار السويس التسعة الذين حكمت المحكمة العسكرية أمس الأول على ثمانية منهم بـ «ستة أشهر» والتاسع بـ «ثلاث سنوات» ولو كانت انحيازات الرئيس «أخلاقية أو مبادئية» لأفرج عن المعتقلين مثلما تم الإفراج عن الشاطر، لكن ها هى الأيام تثبت أن رئيسنا لا يتقمص الروح الثورية إلا حينما يريد جذب أصوات الثوار، أو أن تكون الثورية فى صالح الجماعة.
من أولويات الرئيس «الثورى» أيضاً الذى قال عن نفسه إنه «رئيس كل المصريين أن يعيد أصحابه «الإخوانجية» إلى مجلس الشعب المنحل، ليضعوا له مادة بالدستور الجديد تمكنه من الجلوس على عرش مصر حتى بعد كتابة الدستور الجديد، وليحرفوا المادة الثانية من الدستور لتصبح «الشريعة الإسلامية مصدر التشريع» وتحذف كلمة «مبادئ» ليحكموا بشريعتهم المخترعة أبد الدهر بدعوى أنها تحرم الخروج على الحاكم كما قال فقيههم ومرشحهم «محمد يسرى» ومن أولوياته أن يتجاهل ما وعد به من إنشاء «مؤسسة رئاسية» من شخصيات وطنية مستقلة، مكتفيا فقط بتعيين المتحدث الرسمى «الإخوانى» باسم حملته الانتحابية متحدثا رسميا باسم رئاسة الجمهورية، ومستشار الحملة السياسى «الإخوانى» مستشاراً للرئاسة، ومن أولوياته أيضاً أن يعين محامى فتحى سرور فى لجنة تقصى الحقائق حول قتل شهداء الثورة!! وأن يكرم من هربوا الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى، أما على الصعيد الخارجى فمن أولوياته أيضاً أن يعتبر أمن الخليج «خط أحمر» وأن يتعهد بعدم معاداة إسرائيل وأن يحافظ بشرفه على معاهدة السلام الظالمة، وأن يبنى تحالفا استراتيجيا مع الولايات المتحدة الأمريكية كما صرح بذلك «خيرت الشاطر» وهى السياسة ذاتها التى كان يتبعها مبارك، بالإضافة طبعاً إلى المحافظة على علاقته الوثيقة مع السعودية والتى عبرت عنها صحيفة الشرق الأوسط بصورة استقبلت بها مرسى فى أول زيارة رسمية له خارج البلاد، ووضعت فى صدر صفحاتها صورة لحسن البنا وهو يقبل يد ملك السعودية، لتفتح لنا باب تخيل ما يأتى بعد «التقبيل».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة