عاد مجلس الشعب وانعقد لأقل من ساعة، وانفض انتظارا لحكم القضاء، وانتظار رأى محكمة النقض، ولم تعد السلطة التشريعية، وإنما إضافة سلطة التشريع للرئيس مع السلطة التنفيذية. أى أنه نقل لاحتكار السلطة من يد لأخرى، ولم يكسب الشعب سلطة تشريعية يمكنها أن تقوم بدور، وهو الهدف الذى خاض الرئيس من أجله مغامرة إصدار قرار يحمل شبه تجاهل لأحكام القضاء. هل كانت هذه النتائج تستحق العناء والانقسام بين القوى السياسية؟. وهل كانت هذه «الساعة البرلمانية» تستحق أن يشن الإخوان وحلفاؤهم حربا على كل من اختلف معهم؟
لقد سارعوا باتهام كل من يعارض سلطة الرئيس بأنهم مع المجلس العسكرى، بالرغم من أن منهم أمثال الدكتور محمد البرادعى، أو الدكتور محمد أبوالغار، وغيرهما ممن لم يعرف عنهم أنهم حلفاء العسكرى، لكنه التدليس الذى يجعل البعض يتخذ موقفا فى مجال، وعكسه فى الموقف نفسه، وهى شخصنة الخلافات السياسية، ونظرية «من ليس معنا فهو عدونا»، وهى نفس الطريقة التى أضعفت النخبة السياسية والأحزاب.
والمظاهرات أمام مجلس الدولة منظمة من جماعة الإخوان، وحتى مظاهرات ميدان التحرير تهاجم كل من يختلف مع الرئيس، واعتدت ميليشيات مجلس الدولة على محامين ذهبوا ليترافعوا ضد قرار مرسى، ومنهم من كانوا يترافعون عن الإخوان فى قضاياهم، ويرفضون اعتقالهم فى عهد مبارك.
السياسة لا تعرف صداقات دائمة ولاتحالفات دائمة، وإنما مصالح دائمة.. قاعدة معروفة، ولا تحتاج إلى تذكير، لكن جماعة الإخوان نسيت بسرعة من كانوا حلفاءها حتى أيام قريبة، ولعب القانونيون رأس حربة للصراع. التفسيرات القانونية لقرار الرئيس مرسى بإعادة مجلس الشعب تحمل الشىء ونقيضه. إنها السياسة وتحالفاتها وألاعيبها التى أدت إلى تقسيمات الأفراد، وشخصنة الخلافات، وإلقاء الاتهامات جزافاً.
أصبحنا أمام ترزية قوانين يفعلون ما كان يفعله خبراء مبارك الجاهزون دوما لتبرير كل تحرك، وتسويغ كل سلطة حتى لو كانت تتعدى على باقى السلطات، وكل من يختلف معهم يعتبرونه «فلول» أو من المجلس العسكرى، مع علمهم بأن هؤلاء حتى أيام قريبة كانوا معهم.
والخلافات ليست بين أفكار وآراء، وهى طريقة تعبر عن استمرار مرض الاستبداد، وعدم انتهاء أعراض نظام مبارك الذى من الواضح أنه يحتاج لفترة طويلة لينتهى.
حالة من التدليس السياسى على أوسع نطاق، فالذين يبررون قرار الرئيس بإعادة مجلس الشعب، بدت آراؤهم متعارضة مع موقفهم من قرارات أخرى مشابهة، ومن كانوا يعارضون تركز السلطة فى نظام مبارك يبررونها الآن.. ديمقراطية مطاطية تتعامل مع كل موقف بحال.
ولم يسع الإخوان للحوار مع من يختلفون معهم، واستسهلوا كل من يختلف معهم على أنه خصم أو فلول أو مع العسكر، وهى اتهامات يعرفون أنها تافهة وبلا معنى، وتؤكد أن أعراض مبارك ماتزال مستمرة، وأن عقلية الفلول أصبحت تحكم السلطة دائما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة