محمد الدسوقى رشدى

هل كان القضاء مستقلا حينما أعلن فوز مرسى؟

الخميس، 12 يوليو 2012 12:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من حق الرئيس المنتخب أن يخوض معاركه بالشكل الذى يتناسب مع مستوى ذكائه وأهدافه وطموحاته، أو بمعنى أصح يتناسب مع مستوى طموح الجماعة التى ينتمى إليها الرئيس، وأرجوك لا تحدثنى حديث خوض الرئيس لتلك المعارك من أجل الوطن وإلا صدقت أنك تحمل جنسية يوتوبيا أفلاطون!!.

ألم تر أن القرار الرئاسى الأول تجاهل بنودا أخرى كانت فى صالح الوطن مثل ملف المعتقلين وتطهير أمن الدولة وباقى مؤسسات «الدولة العميقة» التى يقول أنصار الرئيس إنها تحاربه، وتشكيل حكومة قوية، وذهب إلى إعادة البرلمان ذى الأغلبية التى تنصر الرئيس وتمكن جماعته من سلطات الدولة ويصنع الضجة اللازمة للتغطية على عدم البدء فى تنفيذ وعود المائة يوم الأولى.

السابق من الكلام يبدو ضروريا ويندرج أسفل بند التأصيل لمشكلة كبرى تعيشها مصر الآن حول ماهية ونوع وطبيعة الصراع الدائر الآن، الذى بات واضحا أنه صراع على السلطة والصلاحيات بين المجلس العسكرى ومؤسسات الدولة القديمة وبين الرئيس الجديد وجماعته التى ثبت من خلال تصريح محمود غزلان حول اجتماع مكتب الإرشاد لدراسة قرار المحكمة الدستورية الأخيرة وتدخل قيادات الحرية والعدالة فى مفاوضات الحكومة الجديدة أنها جزء أصيل من مؤسسة الرئاسة وأن الانفصال عن الجماعة والحزب الذى تحدث عنه الرئيس مرسى أثناء الانتخابات انفصال وهمى ووعد انتخابى من هذه الوعود التى تذهب مع الريح بمجرد إعلان نتائج الفرز؟.

ما نعيشه الآن من حرب تحتية بين المحكمة الدستورية ومؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان جزء من هذا الصراع السابق تفسيره، ولهذا لا يجوز التعامل معه على أنه خلاف قانونى، أو ارتباك بسبب تفسيرات ومواد قانونية تحتمل التأويل من قضاة ومستشارين وخبراء يقودهم الهوى السياسى وتدفعهم رغبات اشتياقية لمناصب أو أدوار جديدة أو أخرى انتقامية لتخليص بعض من نتائج معارك قديمة.

البعض من قيادات الإخوان يصرون على دفع الأمر فى اتجاه كونه صراع ضد الدولة القديمة أو العميقة بمؤسساته التى تهدف لتعجيز الرئيس محمد مرسى، وبالتالى يرفعون شعارات تطهير القضاء المزور والفاسد والخاضع لأهواء سياسات المجلس العسكرى، وهى شعارات مقبولة وطالما رفعها أهل ميدان التحرير من شباب الثورة واستنكرها قيادات الإخوان واعتبروها مؤامرة لهدم مؤسسات الدولة جميعها.

هذا التناقض الإخوانى يدفع الأزمة فى المنطقة التى تستحقها.. المنطقة الأخلاقية، فنحن أمام مواقف إخوانية تستحق الدراسة طبقا لمعاييير الكذب والنفاق والتدليس والتزييف والتلاعب بمشاعر الناس.

نحن أمام جماعة وحزب ورئيس موثق باسمهم تصريحات فى الصحف والفضائيات وبيانات مكتب الإرشاد تشيد بنزاهة القضاء المصرى وتعتبره مثال للشرف والأمانة، والغريب أن الجماعة التى صدر عن قيادتها هذه التأكيدات بعد انتخابات الشعب والشورى والنقابات والرئاسة هى نفسها الجماعة التى تقول فى القضاء المصرى الآن ما قاله «مالك» فى الخمر، فهل تغير القضاء المصرى وتغيرت طباع شخوصه وذهب عنهم الشرف والأمانة خلال شهر أو أقل؟

أنا لا أدافع عن القضاء أو القضاة، ففى نفس هذا المكان كانت هناك سطورا كثيرة تتحدث عن ضرورة تطهير القضاة، فى الوقت الذى كان الإخوان يشيدون به ويعتبرونه شامخا، أنا أتحدث عن أزمة أخلاقية ومواقف متغيرة حسب مصالح الجماعة والرئيس يمكننا رصدها فى النقاط التالية.

- قبل ظهور نتائج انتخابات الرئاسة ووقت اللغط الدائر حول فوز شفيق أو مرسى انطلق قيادات الحرية والعدالة وشباب الإخوان يتحدثون عن القضاء الفاسد، واللجنة العليا للانتخابات وقضاتها التابعون لنظام مبارك وسط تحذيرات من تزوير الانتخابات لصالح أحمد شفيق، وفجأة وبدون سابق إنذار وبعد ثوان من إعلان اللجنة العليا فوز محمد مرسى رسميا برئاسة الجمهورية تحول سلطان وعبدالمعز وباقى أعضاء اللجنة المتهمين وعلى رأسهم فاروق سلطان وعبدالمعز إبراهيم بأنهم مزورون ومنتمون لنظام مبارك إلى قضاة أشراف وأطهار، وارجع إلى أرشيف يوم إعلان فوز مرسى وما تلاه من أيام وستجد تأكيدات إخوانية متكررة على أن القضاء المصرى أثبت شموخه واستقلاله، وفاجأ الرئيس محمد مرسى الوسط السياسى كله بأن جعل أول نشاطاته الرئاسية هو تكريم المستشار فاروق سلطان والمستشار عبدالمعز ابراهيم بشكل رسمى.

هذا هو الجزء الأول من المشهد الذى سرعان ما تغير وعاد إلى سيرته الأولى حسب اتجاه رياح المصلحة الإخوانية، وفجأة ومع قرار الرئيس بعودة البرلمان ورد المحكمة الدستورية بقرار ألغى قرار الرئيس مرسى وسط جدال قانونى محتدم، خرج محامى جماعة الإخوان المسلمين واتهم المحكمة الدستورية وقضاتها الذين أصدروا حكم حل البرلمان بالتزوير، أى أن محامى الإخوان اتهم صراحة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة وقت إصدار حكم حل البرلمان بأنه مزور وخاضع لأهواء سياسية، وبالتالى يحق لنا أن نسأل كيف قام الرئيس محمد مرسى بتكريم قاض مزور وتكريم قاض آخر متهم بتهريب المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى؟، وهل يعنى ذلك أن الرئيس يشجع التزوير والمزورين؟ وهل يعنى ذلك أن المستشار فاروق سلطان والمحكمة الدستورية وقضاتها الذين شاركوا فى اللجنة العليا للانتخابات ربما يكونون ساهموا فى تزوير نتيجة محمد مرسى ؟ هل يسمح لنا الإخوان أن نصدق اتهاماتهم للدستورية والقضاء بالتزوير والخضوع لأهواء سياسية وبالتالى نصدق الكلام الذى دار حول تعرض فاروق سلطان لضغوط من أجل إعلان مرسى رئيسا؟ لماذا يطلب الإخوان من الناس أن يصدقوا أن فاروق سلطان كان مزورا وهو يعلن حل البرلمان، ولكنه كان نزيها وشريفا ومستقلا وهو يعلن فوز محمد مرسى بالرئاسة؟، وهل يعنى خضوع المستشار ماهر البحيرى رئيس المحكمة الدستورية الذى ألغى قرار الرئيس لسلطة غير سلطة الرئيس مرسى الذى قام بتعيينه منذ أيام أن الرئيس ضعيف ولا يجيد قراءة من يقوم بتعيينهم أو التصديق على تعيينهم فى المناصب الكبرى؟.

- الأمر الثانى.. أنا متفق تماما مع الإخوان فى ضرورة تطهير القضاء، ومتفق معهم إلى آخر مدى فى أن القضاء المصرى يعانى من التزوير والتزييف والخضوع للأهواء السياسية، أنا متفق تماما مع كل هذا التشكيك الإخوانى فى القضاء والمحكمة الدستورية ولكن هل يتفق الإخوان معى فى أن هذا القضاء المزور والفاسد هو نفسه القضاء الذى منحهم الأغلبية فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى والنقابات وأعلن فوز مرشحهم فى انتخابات الرئاسة، ألا يعرف الإخوان الشعار الإسلامى الشهير «ما بنى على باطل فهو باطل»؟، أليس من حقنا جميعا الآن أن نتكاتف مع الإخوان ضد القضاء غير الشريف ونطالب بإسقاط وتفكيك كل المؤسسات والمجالس التى أشرف هذا القضاء المزور والفاسد على انتخاباتها وأعلن نتائجها؟ هل يوافق الإخوان على إعلاء كلمة الحق الآن وتفكيك كل ما هو فاسد وناتج عن قضاء مزور وغير مستقل؟.. إنا لمنتظرون؟؟!!!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة