حسنا فعل الرئيس محمد مرسى، أنه لم يستمع لمستشارى فرعون، ويتجاهل أحكام القضاء. وبيان الرئاسة الذى أكد احترام أحكام القضاء عودة للحق يزيده ولا ينقصه. هذا لو لم يكن الأمر مجرد تكتيك.
نحن أمام «جماعة عميقة»، الرئاسة تعلن أنها تحترم أحكام القضاء، ومكتب الإرشاد يواصل حشد الناس للتظاهر والاعتصام ضد القضاء. وعصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، يخرج ليقول إن المحكمة الدستورية تتدخل فى السياسة، ومحكمة النقض تفصل فى صحة عضوية النواب، وهناك فكرة الاستفتاء. تصريحات العريان تؤكد أن مرسى رئيس لجماعة الإخوان، وأن مكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة هما من يقرر. وتفصح عن اتجاهات للالتفاف حول الحكم بالنقض أو الاستفتاء. وهو أمر يليق بحزب سياسى، ولا يليق بمقام الرئاسة.
ومازال من بين أعضاء مكتب الإرشاد من يوسوس للرئيس بالقضاء على القضاء وتصفيته، واختيار قضاة مناسبين للمرحلة، ممن لمعوا مؤخرا على سطح التوك شو. ولو استمع الرئيس لوسوسة الإرشاد فقد ذهب فى طريق معروف سلفا.
كل هذا يكشف أيضا أننا أمام عدد كبير من الزعماء والرؤساء الموازين الذين ظهروا فى الأجواء بعد نجاح مرسى، وعينوا أنفسهم رؤساء رغما عن الرئيس. ومتحدثين بالعافية باسم الرئاسة. ومازالوا يعلنون أنهم هم من يقرر ومن يتحدث، وهو أمر يصور الرئيس على أنه لم يستطع إقناع أحد أنه يختلف عن الجماعة. ومؤشرات تقول إن لدينا رئيسا منتخبا وعشرات الرؤساء الموازين، الذين يملأون الدنيا تصريحات وقرارات، ويصرون على إطلاق تصريحات تتنافى مع ماتعلنه الرئاسة. لدينا العريان وصبحى والبرنس والبلتاجى والحافى وغيرهم كثير. يتحدثون باسم الرئيس، ويقررون باسمه، ويختلفون فى تصريحاتهم مع وعوده، ومنهم من يزين له التراجع عن وعود قدمها وتعهدات التزم بها.
العريان مثلا يواصل تصريحاته نيابة - أو رغما عن الرئيس - فيقول إن مرسى مازال فى «حزبنا»، ويتحدث عن تشكيل الحكومة، ويحدد موعد إعلان اسم رئيسها، بينما الرئاسة لم تعلن شيئا عن الحكومة. يقول، سنفعل كذا أو الرئيس سيفعل كذا. يتحدث عن الرئاسة بلسان العالم ببواطن الأمور، يشكل الحكومة ويرشح للرئيس أسماء من الجماعة أو من حلفائها.
كل هذا يجعلنا وكأننا أمام رئيس منتخب، وعدد من الزعماء والرؤساء وضعهم مكتب الإرشاد فى مواجهة الشعب، أما عن التوافق والاصطفاف والتنسيق فكلها كانت خطوات تكتيكية انتهى موعدها ولحقت بغيرها من وعود وتصريحات للاستهلاك الانتخابى. وإذا استمر الوضع على هذا المنوال، فسوف نجد أننا أمام رئيس لجماعة الإخوان، وليس رئيسا لمصر، لن يفعل شيئا غير اتهام الحكومة والدولة العميقة بعرقلته عن تنفيذ برنامجه. بينما الواقع أن الجماعة لاتهتم بمصر، وإنما تركز على تكتيكات، تضع الجماعة العميقة، مكان الدولة العميقة. هل ينتبه الرئيس إلى كل هذا، أم يسير فى طريق يخلط الرئاسة بالجماعة. ويترك رؤساء غيره يقررون لمصر مستقبلها؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة