لن يعترف أحد بوجود أزمة ولن يتحدث أحد عن الحوار الوطنى، وحتى هؤلاء الذين يريدون بالفعل أن يساندوا الرئيس من السياسيين والاقتصاديين لن يجدوا مكانا فى زحام وحصار فرضه أنصار الرئيس محمد مرسى بحسن نية، أو رغبة فى السلطة، ولا يعرفون أنهم يعزلونه عن الواقع، عندما يبحثون عن شماعة يعلقون عليها التعثر، ويفقدونه تعاطف الشارع، عندما يحاولون تجميل الوضع أو تبرير التأخر فى تشكيل الحكومة، أو تحقيق برنامج المائة يوم، ويتحدثون عن ازدياد شعبيته، بينما الفقراء والمرضى لم يتلقوا أى إشارة على تحسن أوضاعهم.
قيادات الحرية والعدالة يقولون إن برنامج المائة يوم يسير بشكل جيد وإن إنجازات تحققت فى المرور والأمن والوقود، ويتجاهلون أن المواطنين لم يشعروا بهذا، ثم أنهم يناقضون أنفسهم، ويتهمون جهات غامضة بالعمل على عرقلة تنفيذ البرنامج، وهى عادة ولدت مع مجلس الشعب المنحل الذى عجز عن إنتاج جمعية تأسيسية، وقضى وقتا فى جدل واستعراضات لنواب التوك شو، وظلت الأغلبية تتهم الحكومة بعرقلة جهودها واصطناع الأزمات، وقضت ثلاثة شهور فى مشادات ومشاجرات ومطالب بسحب الثقة، ونسوا أنها حكومة تسيير أعمال، ثم عاد المجلس وشكر الحكومة، ولما انحل لم يشعر الشعب بخسارة، ولو شعر أنه مجلس يمثله لدافع عنه.
ويتكرر الحال مع الرئيس، هناك تعثر فى تشكيل الحكومة، وضربة البداية، كان هناك اعتقاد بأن أن الإخوان لديهم تصورات جاهزة للبدء فى مشروع النهضة، الأمر ظل فى إطار التسريبات والتكهنات، والنفى والإثبات، واستهلاك الوقت، فى اتهامات بلا مضمون ولا أدلة.
لم يدع الرئيس مثلا لمصالحة وطنية أو لقاءات مع القوى المختلفة لشرح الوضع الاقتصادى والسياسى الذى اطلع عليه، وبدلا من ذلك وجدنا أنفسنا أمام جهات مختلفة تتنافس على الحديث باسم الرئيس، عن شكل الحكومة، ضمن مطامع ومنافسات لأطراف بالإخوان من أجل السلطة. ويتبارى قيادات الحرية والعدالة والجماعة فى إطلاق تصريحات يثبتوا فيها اطلاعهم وسيطرتهم على العملية السياسية، متجاهلين القوى الأخرى.، ناهيك عن الاتهامات الجاهزة لكل من يختلف معهم أو ينتقدهم بأنه دولة عميقة أو فلول.
أحيانا يبدو أن الجماعة والحزب يتجاوزون الرئيس أو يحاولون فرض قرارات وأشخاص عليه، يرشحون له من يقابلهم ويستبعدون أسماء تشكل خبرات سياسية أو اقتصادية أو اتجاهات مهمة، لم يلتق الرئيس مثلا الدكتور البرادعى، ولم يدع للقاء مع القوى السياسية، وفيما يخص الحكومة، يتحدث قيادات الجماعة عن نصف الحكومة أو ثلثها، ونسبة للسلفيين وكأنها حصص توزع وليس بحثا عن حكومة قوية يمكنها إنجاز برنامج المائة يوم أو مشروع النهضة الجاهز، واكتفوا بالدعاية الكلاسيكية، ولم تظهر مبادرات شعبية. يتحدثون عن مقاومة من جهات وأجهزة هى فعليا تحت سيطرة الرئيس. يتجاهلون أنهم هم من ورطة فى معركة مع القضاء، لم تكن موفقة، ومازالوا يتوجهون إلى طرق خاطئ، ربما على الرئيس أن يكسر العزلة والحصار الذى يفرضه حوله طامعون فى السلطة، يبحثون عن شماعات يعلقون عليها فشلهم.