عند أول ضوء للعمل السياسى بعد الثورة التقت مجموعات إسلامية عديدة للتفكير حول تأسيس أحزاب إسلامية، وبسرعة بدأت كل مجموعة تشق طريقها وتؤسس حزبا، بيد أن مجموعة الجهاد القدامى لم تكن تملك رؤية أو مشروعا، وظلت تروح وتجىء للتفكير حول مشاريع وهمية كبيرة.
دفعتنى صلة قوية بالعمل السياسى منذ خروجى من السجن عام 1991 إلى محاولة لم شمل تلك المجموعة التى لم يقدر لها يوما أن تجتمع على شىء، وحاولت الانطلاق نحو ما أطلقت عليه «التأسيس الثانى لتنظيم الجهاد»، ودعوت جهاديين للحضور فى الأزهر، وبدأنا الحركة، فوضعت اسما للحزب اخترته من «السلامة التركى» وأضفت عليها «التنمية»، ووضعت برنامجا للحزب هو ثمرة أفكارى ومعاناتى وتصوراتى عن الواقع والحالة السياسية وعن العالم والناس.
بدأنا رحلة جمع التوكيلات، ووجدت وكيل المؤسسين الذى حصل بعد خروجه من السجن على وظيفة مأذون شرعى، ويمتلك شركة سياحية منشغلا بعمله الخاص بعد سنوات طويلة من السجن، كما أن أحد القيادات الفكرية الذى يمتلك فى الشرقية مخبزا يخرج علينا كل يوم فى الصحافة بضلالات أكثر منها فتاوى حول الأقباط والعنف وغيرها.
حاولت التأسيس لتصور سياسى للتعامل مع الواقع، فإذا بقيادات الجهاد القديمة ترفض «مصطلح مدنى»، كما بدأت تصنف العاملين داخل الحقل السياسى من منطلقات عقدية تستخدم مصطلحات التكفير والتفسيق، حتى بلغ الأمر إلى حد وصف ما أحاول فيه التمييز بين المجال العقدى والمجال السياسى وأن كليهما له مجال مختلف وأدوات مختلفة للتعامل، ومن ثم فإن المجال السياسى هو متغير وهو اجتهادى وهو مفتوح على الواقع وشؤون الحياة، ومن ثم فإن مجال الاختلاف فيه يجعله اجتهاديا بالضرورة ويمكن للناس أن يختلفوا فيه ويتجادلوا بشأنه، وأن هذا الاختلاف لا يوجب إجراء أية أحكام شرعية فى مواجهة المجتهدين - زعموا أن ذلك اقتراب علمانى.
غياب الرؤية حول معنى البرنامج واللائحة والتشكيلات الحزبية، وغياب الرؤية حول العمل الجماهيرى وتقديرات المواقف السياسية، وغيرها من الأمور جعلت من المستحيل بالنسبة لى الاستمرار فى تأسيس الحزب، وهو ما أدى فى الواقع إلى تجميد نشاطى فى الحزب منذ حوالى ما يقرب من خمسة أشهر، توقف فيها العمل داخله بالكامل، لأنه لم يكن يعمل فى الواقع أحد سوى العبد الفقير إلى الله.
انفض من الحزب العديد ممن سهرت على دعوتهم للحزب، منهم شباب ممتازون، حين شاهدوا مستوى النقاش والخلاف، فقد قرروا الانسحاب، ومنذ جمدت نشاطى فى الحزب فإن الحزب توقف هو الآخر، وظل مكتبه السياسى الذى يمثله مجموعة أفراد لا يزيدون على العشرة هم الحزب فى الواقع، الخريطة الإسلامية تشكلت ولم يعد هناك معنى لوجود هذا الحزب.
إننى أعلن بشكل واضح أنه لم يعد لى علاقة بالحزب ولا بمن يتحدثون عن تنظيم الجهاد هذه الأيام، وأننى جزء من الحركة الوطنية المصرية المنحازة للثورة وللمستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة