سامح جويدة

بين عمه «اللواء» وخاله «فضيلة الشيخ»

الأحد، 15 يوليو 2012 04:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«اللى ليه ضهر ماينضربش على بطنه» أو وشه أو حتى قفاه، لذلك نحب السلطة، ونتباهى بها، ونغنى لها وعليها، ورغم أننا شعب مقهور بالفطرة فإننا نفضل «المرمغة فى تراب الميرى»، فمن لم يصل للخوخ يرضَ بشرابه أو بترابه أو بالتمسح فيه.

وكلنا اعتدنا على المتفاخرين بأنهم أقارب فلان أو نسايب علان أو جيران اسم النبى حارسه، فهذا يعطيهم كرسيّا أكبر فى الجلسة، ويتيح لهم كل نواحى الفشر والجخ فى مختلف شؤون الحياة، ومعرفة «العفريت مخبى ابنه فين».

ومنذ عدة سنوات جاء إلى عمارتى بواب عرفنى بنفسه على أنه «ابن ناس وعمه لواء»، ولاحظت بعد ذلك أنه لا يتكلم إلا عن عمه سيادة اللواء أو على لسانه، فكان يرد عليك الصباح بموجز عن أخبار البلاد التى عرفها بالأمس من جلسته الطويلة مع سيادة اللواء عمه الغالى. ولم أفهم حتى اليوم هل هو لواء شرطة أم جيش أم سواحل نهرية.

والواضح أنه كان لواء فى كل شىء، حتى فى أزمة أنابيب البوتاجاز، وفتح الحدود مع غزة، وكلما أثيرت قضية فى الفضائيات ليلا وجدت عند «شكرى» حلولها ع الصبح، وكأن سيادة اللواء ينام معه تحت السلم طوال الليل. فكان يقول لى فى بدايات الثورة سيادة اللواء عمى بيقول «هيلموا الثورة فى ساعتين اقعدوا فى البيت أحسن»، وحينما فشلوا فى لمها قال لى سيادة اللواء بيقول «النظام كان فاسد ومفيش أحسن من المجلس العسكرى»، وأثناء الانتخابات الرئاسية كان سيادة اللواء قريبه يراهن على شفيق، وكأنه يتحكم بأصوات الناخبين، أو يعلم الغيب علم اليقين. واختفى عمه اللواء تماما بعد أن تسلم الرئيس محمد مرسى السلطة، كأنه انتحر أو قطعوا لسانه، وكلما سألت عنه ساخرا قال لى فى تجهم «بيتعالج بره الله يعافيه». ولم يأخذ «شكرى» وقتا طويلا حتى بدأ فجأة فى الحديث عن فضيلة الشيخ خاله الذى اتصل به بعد غياب، وبدأت تصريحات عمه اللواء تنتقل كاملة إلى خاله فضيلة الشيخ الذى لم نفهم أيضا هل هو سلفى أم إخوانى أم من الشيعة، ولكنه يفتى فى كل شىء سياسى أو دينى أو دستورى، حتى إنه أفتاه بأن يأخذ ساعة فى كل صلاة، وبذلك فالعمارة مفتوحة للصوص والجائلين خمس ساعات فى اليوم بفتوى شرعية من خاله.

مشكلتى مع «شكرى» الآن أنه يتكلم عن الدين بلسان خاله، أو خياله، وانتقل «جخه» فى السياسة إلى حالة من العبط المطلق، والتأويل فى ما لا يليق بالدين، وربطه بأى هبل فى الجبل. كل هذا وأكثر، بل سنرى العجب العجاب لو أصرت التيارات الدينية على احتكار السلطة فى مصر، فالأغلبية متلهفة للحصول على سلطة، والتمسح بها، فما بالك لو كان ذلك بإطلاق اللحية أو الحديث الدائم باسم الدين، وإدخاله فيما يصح وما لا يصح. وللأسف، من الطبيعى ظهور هذا الكم الهائل من الحوادث والجرائم المرتبطة باسم الدين والنهى والتكفير، ففى مجتمع يعيش نصفه تحت خط الفقر والجهل يصبح التمسك أو حتى التمسح بسلاح السلطة الدينية أشبه باللعب فى حقول الألغام، لذلك فعلى الأحزاب السياسية أن تتوقف عن العبث فى العواطف والعقول بشعارات دينية، لأن الناس تتوهم على بعضها سلطة خادعة بالدين واللحية، ولن يصل بنا هذا إلا لهوة حضارية لا يعلم إلا الله عمق سقوطها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة