أكرم القصاص

فوضى البياعين.. ظالمين ومظلومين

الثلاثاء، 17 يوليو 2012 07:41 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما لا تحتل قضية الباعة الجائلين اهتماما واسعا من الإعلام والسياسيين، وسط الجدل السياسى والاستقطاب، بالرغم من أن الأمر يخص المواطنين فى الشوارع والأمن والباعة أنفسهم، ومدى القدرة على امتصاص الفوضى وإعادة تنظيمها من دون عدوان على حقوق الأفراد أو المجتمع.

ظاهرة الباعة الجائلين تفاقمت واتسعت بشكل أصبح من الصعب السيطرة عليه، الحكومة أعلنت عن الاتجاه لمضاعفة عقوبات الباعة الجائلين سواء من يسدون الطرق والميادين والشوارع، أو من يعملون بدون ترخيص، وقد تفاقمت الأزمة لتصبح واقعا يصعب السيطرة عليه، هناك آلاف الباعة يفترشون الطرقات ويسدون الشوارع ويحتلون الأرصفة ويرفضون أى محاولة لإزاحتهم بعنف.

والنتيجة أن شوارع وسط البلد وميادين مثل العتبة ورمسيس والتحرير، تحولت إلى ساحات محتلة من الباعة العاديين ومن عصابات وبلطجية يصنعون فوضى، ويسدون أبواب المحال، ويحتلون الأرصفة بصورة تجاوزت كل حد، وكأنهم أصبحوا دولة داخل الدولة، وفوق القانون، يرفضون الالتزام بأى قواعد، وأصبحوا هم أصحاب الشوارع والأرصفة، والمواطنون مجرد ضيوف غير مرغوبين، بعض هؤلاء جاهز بالمولوتوف والحجارة ويتحركون فى جماعات تواجه أى محاولة لفضهم، حيث يسيطر المسجلون خطر والبلطجية على الشوارع ويرفضون الانصياع للقانون، بل إنهم يغذون الانفلات ويدفعون نحو ضرب هيبة الشرطة.

ومثل أى مشكلة فظاهرة الباعة الجائلين لها أكثر من بعد، وهى ظاهرة موجودة من سنوات وتضاعفت فى العام الأخير، تضاعف عدد الباعة الجائلين خلال السنوات الأخيرة، وهم نتاج الاختلال الاقتصادى والاجتماعى والفساد الذى أدى لزيادة أعداد الفقراء، ومن بين الباعة عشرات الآلاف من خريجى الجامعات أو المدارس لا يجدون عملا، ولا مكانا يستوعبهم فيضطرون للعمل فى الشارع هربا من البطالة، وجزء من الظاهرة يرتبط بغياب العدالة وانتشار الظلم فى المجتمع، الأغلبية من الباعة الجائلين ضحايا أكثر منهم متهمين، ويحتاجون إلى برامج توظيف وعمل واضحة وضمانات اجتماعية، أكثرهم يعملون بلا أى ضمان ولا تأمين اجتماعى وصحى مما يجعلهم عرضة للضياع، وهو أمر يضاعف من شعورهم بالظلم ويزيد من عدوانيتهم.

الحكومة أعلنت عن الاتجاه لتغليظ العقوبات على احتلال الأرصفة والطرق والعمل بدون ترخيص، من المهم أن تتم دراسة الأمر من وجوهه الاجتماعية والاقتصادية قبل التفكير فى الحل الأمنى أو العقابى، هناك ضرورة التفكير فى خلق فرص عمل للباعة، وتخصيص أسواق صغيرة تستوعبهم فى القاهرة والمحافظات. وهو ما أعلنت عنه الحكومة ضمن طرحها لفكرة تغليظ العقوبات، وتحدثت عن سويقات دائمة ومؤقتة تستوعب هؤلاء.

ولا يمكن المطالبة بالتزام القانون من شاب لا يجد عملا، وتفعيل القوانين مهم لكن مع تقدير حق المواطن فى عمل يضمن له حياة، نحن نتحدث عن 5 ملايين هم مجمل البائعة الجائلين فى القاهرة والمحافظات، وبدون وجود حلول شاملة من الصعب تصور أن ينجح القانون وحده، ويمكن أن يكون هؤلاء إضافة للمجتمع بدلا من أن يكونوا خصما له وعبئا عليه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة