بين حالة استقطاب شرسة لم يشهدها الشارع السياسى فى مصر من قبل وبين ظهور حالة موازية معها وهى الاتهام بالخيانة والعمالة لمن لم ينجح استقطابه يعانى السواد الأعظم من المصريين من كل ألوان الأمراض الاجتماعية المعروفة التى يشكل الفقر أساسها ومسببها الرئيسى، بينما تقف كل التيارات السياسية فى البلاد فى موقف غير المبالى، نظرا لانشغالها بمعاركها السياسية أو قل انقسامها على ذواتها حتى بشأن مواجهة تيار الإسلام السياسى، الذى فيما يبدو يحاول قراءة المشهد بصورة أكثر عمقا مما اعتاده، فتنظيم الإخوان المسلمين يجد نفسه الآن فى موقف حرج سياسيا، حيث إن تكالبهم على السلطة وفوزهم المستمر ألقى عليهم بمسؤولية الدستور والمؤسسة الرئاسية وتشكيل الحكومة، وذلك بخلاف مجلس الشعب المتأرجح مما وضعهم فى مأزقين أهمهما الوفاء بالوعود النهضوية أمام الجماهير التى صعدت بهم، وثانيهما الإعلام بألوانه الذى يقف فى أغلبه موقف التصيد لأخطاء الجماعة ورموزها داخل الجماعة.
الآن تقف الجماعة فى مواجهة المجلس العسكرى وإعلانه المكمل وتعمل على استقطاب القوى المدنية لمساندتها فى هذه المواجهة كما سبق أن حدث فى معركتها الرئاسية بل ذهبت للعمل على تشويه صورة المختلفين معها على كل الأصعدة، إلا أنها أغفلت أن هناك آخرين لديهم نفس الوصمة وبشكل أكثر فداحة، ولكن لم يناهضوها فأمنوا شر غضبتها.
تأتى الآن فترة التحول الفكرى الذى يقوده تيار الإصلاحيين مثل البلتاجى والعريان بضرورة خلق ما يمكن وصفه بالمصالحة الوطنية بين الجماعة والتيارات المدنية، بحيث تبادر الجماعة بدعوة التيارات المدنية للحوار مستندة على خطوة يقوم بها د. مرسى لضبط الاستقرار السياسى, إلا أن الخطوة المفصلية ستكون فى تدخل التيار المحافظ داخل الجماعة وهو تيار صنع القرار بقيادة الشاطر ومالك وياسين وهى ما قد تضع الجماعة فى مأزق مع التيارات الثورية، حيث يستعد المحافظون لصفقاتهم التى اعتادوها منذ عصر مبارك وذلك بإعطاء الوضعيات الخاصة للمجلس والمؤسسة العسكرية، بالإضافة لما أسماه قيادى الجماعة محمود غزلان «الخروج الآمن» بعد التكريم من الرئاسة إضافة إلى الاستنطاع الاقتصادى عندما يتم الدفع برأسمالييها لصدارة المشهد الاقتصادى المصرى. بهذا المسار قد تفشل جهود الإصلاحيين فى الجماعة من جهة بل يكرس لمبدأ اقتراف الخطأ أو الجريمة ثم الخروج بصفقة سياسية وتظل القوى المدنية فى موقفها السلبى أو قل الاستنطاع السياسى، بحيث تطالب بالدور ولكن لا تعمل على استحقاقه فتصير حملا على الحياة العامة المصرية بين الاستقطاب المستمر والاتجاه الإصلاحى يظل الاستنطاع السياسى جزءا من السمت المصرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة