فى نفس هذا المكان اتفقنا على أن أى محاولة لفرض أسماء بعينها على الدكتور محمد مرسى فى فريقه الرئاسى أو حكومته المنوط بها تنفيذ خططه للمائة يوم الأولى وما بعدها، نوع من أنواع المراهقة السياسية، حتى وإن تم تغليفها فى ثوب الوفاق الوطنى والعباءات الائتلافية التى تلم شمل الجميع، فلا توافق بالإجبار أو بالإحراج أو بالعناد أو تحت تهديد التعجيز وشراسة المعارضة، لا توافق ولا شراكة فى تشكيل حكومة وفريق رئاسى إلا بقناعة تامة، وإيمان كامل من الرئيس مرسى وجماعته وحزبه بأن هذا هو الحل الأمثل، والطريق الأصوب لحمل «قربة» هذا الوطن المخرومة، حتى لا ينسكب ماؤها فوق رأس تيار واحد ويقضى عليها غرقاً.
الأغرب من محاولات بعض القوى السياسية فرض أشخاص بعينهم لمساعدة مرسى، هو محاولات جماعة الإخوان المسلمين تشكيل حكومة وفريق معاون للرئيس على هواها، والأغرب من هذا وذاك، هو قيام قيادات الجماعة بتلك المفاوضات مع القوى السياسية أو الأسماء المرشحة، ومصدر الغرابة هنا يخص إشكالية العلاقة بين مكتب الإرشاد والرئيس محمد مرسى، فإذا كان الرئيس كما قال، وكما قيل أصبح رئيساً لمصر كلها، ولا يحصل على أوامر من مكتب الإرشاد، فكيف نصدق ذلك وقيادات الجماعة مثل البلتاجى، وصبحى صالح، والكتاتنى يقودون مشاورات طرح أسماء المعاونين للرئيس فى الفريق الرئاسى والحكومة؟.
مرسى رئيس إخوانى بلا جدال، وهذا أمر لا يعيبه ولا يعيب الجماعة التى تحصد الآن ثمار تماسكها طوال سنوات القمع الطويلة الماضية، فيما كانت الأحزاب والحركات الأخرى تنهار بسبب صراعات أفرادها على السلطة، ولكن تبقى الأزمة فى الوعود التى قطعها الرئيس مرسى على نفسه، بألا يكون تابعا لمكتب إرشاد أو مجلس عسكرى.. هل سينفذها؟ وكيف سينفذها؟.. تلك هى المشكلة الأولى..
المشكلة الثانية تتلخص فى القلق النابع من خطابات الرئيس الأربعة.. خطاب ليلة إعلان الفوز، وخطاب التحرير، وخطاب جامعة القاهرة، وخطاب الهايكستب، الترتيب الزمنى للخطاب يؤكد أن تطوراً ما سريعا يصاحب أداء الدكتور مرسى، ويمكن إسناد هذا التطور فى لغة الخطاب وطريقة الأداء إلى السلطة التى بدأت تجرى فى عروق الرجل، أو إلى ذكاء وحسن إدارة المجموعة التى تقف خلفه، وتساعده فى وضع النقاط فوق حروف العلاقة مع المجلس العسكرى من جهة، ومع القوى الثورية من جهة أخرى، ومع جموع الشعب من جهة ثالثة. وإذا كان تطور الخطابات ونجاحه فى أمور المناورة وإرضاء أغلب الأطراف، وإثارة قلق الخصوم، وتطمين المحبين شيئا يحسب للرئيس مرسى، فإن كمية الوعود التى أطلقها الدكتور مرسى فى الخطابات الأربعة، وبعضها متناقض، خاصة فيما يخص القوات المسلحة والشهداء والقصاص، وتناقض تلك التصريحات والوعود من حيث الكيف، وزيادتها من حيث الكم، يضع على كتف الرجل حلما ثقيلا قد يعرضه للخطر، إذا تذكرنا أننا أمام شعب يريد أن يلمس بيديه الكثير من الإنجازات والحقائق على أرض الواقع، بعد أن مل وتضخمت آذانه من الوعود والتصريحات الوردية طوال عام ونصف.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة