سيظل مشهد تسليم السلطة من المجلس العسكرى إلى الرئيس محمد مرسى مشهدا تاريخيا بالفعل، بصرف النظر عما يحدث بعد ذلك. حتى لو بقى البعض متمسكا بحالة إنكار لا ترى جديداً، خاصة ممن يبالغون فى ادعاء الحكمة وامتلاك يقين لم يصدق فى أى مرة.
هناك من كان يتصور أن يكون الدم بدلا من الخطابات، والتصادم بديلاً عن الاعتراف المتبادل، ربما هى رغبة مريضة فى التشويق، وتحليلات تفضل نظرية المؤامرة عن السياسة.، بينما السياسة يمكنها تفسير الكثير من الأمور والعلامات الغامضة.
كثيرون كانوا يتوقعون صداماً بين الرئيس محمد مرسى والمجلس العسكرى، وعندما لم يقع الصدام اندهشوا، خاصة من الطريقة التى تعامل بها المجلس العسكرى مع الرئيس محمد مرسى، ومشهد تسليم السلطة لرئيس مدنى ينتمى لجماعة الإخوان كان سجيناً سياسياً قبل عام ونصف.. أغلبية من المصريين شعرت بارتياح حتى الآن لعدم حدوث صدام أو الدخول فى كوارث انفلات أو حرب أهلية.
كلها خطوات تشير إلى أن الأمور تسير فى طريق طبيعى، تبتعد عن توقعات كانت ترسم سيناريو لتكرار مصير ثورة رومانيا حيث يرث رجل النظام السلطة بانتخابات شكلية.
الطبيعى فى عالم السياسة أن يجرى تقييم النتائج على مجمل الأعمال والتصرفات وليس بالقطعة، ثم إن أوضاع استقرت لأكثر من نصف قرن من الصعب إنهاؤها فى شهور.
النتائج حتى الآن تشير إلى انتقال سلمى للسلطة، مع وجود مشكلات مثل الإعلان المكمل أو حل البرلمان وهى قضايا تتكفل السياسة والقضاء بحلها، من خلال حلول وسط أو مفاوضات تنتهى إلى خروج من المأزق.
مهما كانت الانتقادات للمجلس العسكرى، لا يوجد حتى الآن حالة لجيش تسلم السلطة ونقلها بشكل ديمقراطى، فإذا كان المجلس العسكرى فعل هذا فقد قدم تجربة مهمة يمكن البناء عليها.
قبل التسليم كان هناك حديث عن مؤامرة، وبعد التسليم كان الحديث عن صفقة، هؤلاء جميعاً استبعدوا السياسة التى يمكنها تفسير ما يجرى، بما فيها المؤامرات والصفقات، فهى أمور طبيعية فى عالم السياسة الذى يتسع للكثير من المناورات.
الخيال وحده هو الذى جعل البعض يتصور أن الرئيس محمد مرسى سوف يبدأ فى التصادم، أو أن المجلس العسكرى سيبدأ فى الانقلاب. الأمور سارت بشكل طبيعى، المجلس العسكرى أوفى بوعده وسلم السلطة للرئيس، وكانت التحية العسكرية التى قدمها قادة الجيش بمافيهم المشير تعنى أن الرئيس هو السلطة الأعلى، واعترف المشير فى كلمته بوضوح أن مرسى هو السلطة المنتخبة التى لا تعلوها سلطة، وأن المجلس لا يريد الاستمرار فى الصورة، ورد مرسى بتحية المجلس العسكرى وتقديره لدورهم والصعوبات التى واجهتهم طوال الفترة الانتقالية.
الصفقات والمؤامرات لها أسماء أخرى فى عالم السياسة التى تحتمل دائماً الصفقات التى يكون فيها كلا الطرفين رابحا، والمناورات أيضاً من أبجديات السياسة، التى تقوم على حسابات المصلحة والربح والخسارة.، وهى أيضاً التى سوف تجيب عن أسئلة الأيام القادمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة