د. محمد شومان

رؤية الإخوان لـ23 يوليو

الأحد، 22 يوليو 2012 05:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إحدى مشاكل مصر أن الإخوان والسلفيين يرفضون ثورة يوليو جملة وتفصيلا، ولا يعترفون بأى إيجابيات لدولة عبدالناصر، أو السادات، أو مبارك. وتفيض كتابات الإخوان باتهامات خطيرة لثورة يوليو، بعضها صحيح، وكثير منها يجافى المنطق وأحكام التاريخ، لأنه متأثر بالصدامات الدموية بين الثورة والإخوان، وبعضها كتب فى السجون والمعتقلات التى شهدت انتهاكات غير أخلاقية، ووقائع تعذيب بشع للإخوان والجماعات الجهادية. سجون ومعتقلات دولة يوليو شملت الإخوان والشيوعيين والوفديين، ثم الناصريين أنفسهم فى مفارقة مريرة، لكن الشيوعيين والوفديين طوروا موقفهم من عبدالناصر وثورة يوليو، وقدموا كتابات متوازنة ترصد كثيرا من الأخطاء، وكثيرا من الإيجابيات لثورة يوليو، أما التيار الإسلامى فقد استمر على موقفه السلبى، وحاول كثير من الدعاة تأصيل العداء بشكل عقائدى، ومن ثم نجحوا فى توريث رؤيتهم للأجيال الشابة فى الحركة الإسلامية التى ولدت بعد موت عبدالناصر والسادات. توريث العداء أدى لتداول أحكام تحولت إلى بديهيات بين الإسلاميين لا تقبل النقد أو المراجعة، مثل أن ثورة يوليو كانت صنيعة للغرب الشيوعى المسيحى، وأنها مؤامرة ضد الإسلام والمسلمين، وأن الستين عاما الأخيرة من تاريخ مصر ليست سوى حقبة من الفساد والتدمير والانحلال الأخلاقى.. المفارقة الآن أن دولة يوليو بكل مؤسساتها وتقاليدها يفترض أن يقودها الإخوان، بعد أن اختارتهم أغلبية الشعب فى انتخابات نزيهة، فهل سيتعاملون مع ثورة ودولة يوليو فى ضوء ما تربوا عليه من عداء ورفض لتاريخ يوليو، ولكل مقومات ثورة ودولة يوليو؟

إذا طبقوا رؤيتهم للثورة، وأحكامهم المسبقة على دولة يوليو، فإننا سنكون إزاء كارثة وطنية، وحرب أهلية، فقد فاز مرسى بالرئاسة بفارق ضئيل، ما يعنى أن الإخوان والسلفيين ليسوا كل المصريين أو حتى أغلبيتهم الكبيرة، إنما هم مكون وطنى أصيل ضمن الجماعة الوطنية، وبالتالى عليهم:
1 - عدم التورط فى حروب ثأرية وتصفية حسابات مع الثورة ودولة يوليو، فى هذا السياق لم يكن مرسى موفقا عندما انتقد الستينيات فى أول خطاب له بعد فوزه بالرئاسة.
2 - التمييز بين ثورة يوليو بقيادة نجيب، ثم عبدالناصر 1954-1970، فالسادات 1970-1981، وأخيرا مبارك 1981-2011، فدولة يوليو عبدالناصر تختلف تماما عن دولة السادات، ودولة مبارك، والمفارقة التاريخية أن برنامج النهضة الذى يتبناه الإخوان حاليا هو الأقرب إلى مشروع عبدالناصر التنموى الذى قمع الإخوان.
3 - احترام تراث الدولة المصرية القانونى والسياسى، وعدم الانقلاب عليه، والتعامل مع مؤسساتها التى طالما طاردتهم واضطهدتهم، ولا يتعارض ذلك مع محاولة إصلاح مؤسسات الدولة بشكل تدريجى.
4 - التصالح مع التاريخ الوطنى، فثورة يوليو صنعت تاريخ مصر فى الستين عاما الأخيرة، وبالتالى لا يمكن إنكاره أو شطبه من الذاكرة الوطنية، إنما المطلوب احترامه ونقده بطريقة موضوعية متوازنة، ومن غير المنطقى عدم الاعتراف بإيجابيات الثورة، خاصة أن الاستقلال وتأميم القناة وحرب القناة وتنمية الستينيات والسد العالى وحرب أكتوبر، كلها إيجابيات وإنجازات صنعها المصريون جميعا وفيهم الإخوان أنفسهم.
5 - إن تقاليد ومؤسسات الدولة وتراثها التشريعى والقانونى لا تنتمى فقط لثورة يوليو، بل إنها موروثة وممتدة من قبل 1952، وهى حق لكل المصريين وليس فقط لأنصار يوليو أو العسكر، ومن الضرورى البناء عليها وتنميتها بعد تنقيتها وإصلاحها، بحيث تبدأ الجمهورية الثانية من حيث انتهى الآخرون، وليس من نقطة الصفر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة