كنت أطالع رواية «مولانا» البديعة للكاتب الصحفى الكبير إبراهيم عيسى، مستمتعا بتفاصيلها وحواراتها، ومتأملا شخصياتها التى تشم فيها رائحة الحاضر الثقيل، وتكتشف من خلالها الكثير من التفاصيل المسكوت عنها، والتى لم نكن لنعرفها عن شيوخ الفضائيات ونوادرهم، لولا أمثال هذا العمل الإبداعى الواعى، وبينما أنا أقلب صفحات الرواية، صدر حكم المحكمة فى القضية التى شغلت الناس وهزت الدنيا، وهى قضية الشيخ على ونيس والمعروف إعلاميا باسم نائب الفعل الفاضح، وقد كنت قد أمسكت قلمى عن تناول هذه القضية وملابساتها منذ اكتشافها، وعاهدت نفسى على عدم الخوض فيها إلا بعد صدور حكم المحكمة، وذلك درءا للشبهات وكتما للألسنة المأجورة، لكن ها هو اليقين يزداد نصاعة بحكم المحكمة، ليرى الناس آية فى عاقبة المتشدقين بالإسلام، ولنعرف من يبتغى وجه الله والوطن حقا، ومن يبتغى وجه شهواته وزلاته ونقائصه.
بمجرد سماع حكم المحكمة التى قضت بإدانة المتهم «الشيخ ونيس» وحبسه سنة وغرامة 1500 جنيه لإيقاف التنفيذ، تذكرت مقولة التابعى الإمام الأوزاعى فقيه أهل الشام ومحدثهم ومعلمهم، حينما كان يصرخ فى الناس قائلا: اتقوا الله معشر المسلمين، واقبلوا نصح الناصحين، وعظة الواعظين، واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمَّن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؟ وقد كنت أعلم أن المتنطعين الذين يحاولون أن يبرئوا ساحة المتهم «الشيخ ونيس» ،سيخرسون فور إصدار الحكم بإدانته التى لم أشك فيها ولو للحظة، وها هو حكم المحكمة يقر بإدانته، ويجرم فعله، مثبتا إياه عليه.
اللهم لا شماتة، ولكن لنا الآن أن نتذكر ما أثير وقت اكتشاف القضية من بعض المتنطعين الذين دافعوا عن «الشيخ ونيس»، الذى أصر حتى هذه اللحظة على إطلاق لقب «شيخ» عليه، لتذكرة الناس بكم المهازل التى ترتكب باسم هذا اللقب، وكم الدناءات التى يفعلها من يتحصنون بحصن الإسلام، لينال عنهم بذاءاتهم، تذكروا المسيرات المأجورة التى نظمها الشيخ وأتباعه للشوشرة على القضية، والتأثير على القضاء، وإخراج شيخهم من جرمه، مصورينه فى صورة البطل المضطهد، تذكروا كم الكذب الذى مضغه هذا الشيخ على منبر رسول الله فى بيت الله، وهو يدعى أن الفتاة التى كانت مستلقية بين قدميه هى ابنه أخته وأن الضابط الذى اكتشف الجريمة اضطهد الشيخ لمجرد أنه «شيخ» وتذكروا كم الشتائم التى ألحقت بكل الإعلاميين الذين تناولوا القضية وقتها وكأنهم تجرؤوا على قديس القديسين!
نعود إلى إبراهيم عيسى وأدعوكم لتذكر الحملة الشعواء التى يوجهها أمثال «الشيخ ونيس» على هذا الرجل، الذى كان يناضل ضد مبارك وزبانيته، وقت أن كان أمثال ونيس يتعلقون بأصابع أمن الدولة، يميلون حين تشير، تذكروا كلمات «الشيخ ونيس» نفسه وهو يكيل سهام الحقد والغل تجاه هذا الكاتب الكبير، الذى كانت جريدته متنفسنا الأكبر وقت القهر المنتشر، تذكروا كيف كان هذا «الشيخ ونيس» يهاجم عيسى فى دكاكينهم الفضائية، بتنوع أسمائها، ويقول إن عيسى يهاجم الإسلام، لأنه يهاجم الإسلاميين ويدعى زورا وبهتانا أن الإسلام متجسد فى الإسلاميين، وبالطبع نائب الفعل الفاضح «الشيخ ونيس» منهم إن لم يكن على رأسهم، وتذكروا كيف كان يدعى أن عيسى «لا يريد للتوجهات الإسلامية والإسلام إلا الشر»، وكيف كان ونيس يتعجب من عيسى قائلا: كيف يتسمى بأسماء الإسلام، ويطعن فيمن يقومون به» وكيف كان يهاجمه مدعيا أن مقالات عيسى هى عين «البذاءة»، وكيف كان يتمتع بكل هذه القدرة على الكذب وهو يرمى الشرفاء بالبذاءة، وهو يخبئها تحت اللحية والعباءة.