أياً كان اسم رئيس الحكومة، فإن الناس سوف يستغربون ويندهشون، لأن أحدا لم يكن لديه تصور حول رئيس الحكومة القادم. وقد بدا الأمر صعباً، وأصعب مما كان متصوراً أو معلناً.
وأيا كان رئيس الحكومة، فإنه سيكون مفاجأة.. ونتذكر أننا أيام حسنى مبارك كانت الشائعات وكبسولات الاختبار تنطلق فى جهات مختلفة، ثم يتم الإبقاء على صدقى وعبيد، وكان اختيار أحمد نظيف فى حد ذاته مفاجأة، لأنه لم يكن مطروحاً. كان مبارك يحب أن يأتى بشخص من خارج الأسماء المطروحة. ولم يتغير شىء كثير فى الأمور، الرئيس لديه الصلاحيات كافة، ولكن الاختيارات صعبة، والمسؤولية صعبة. وقد اعتذر كثيرون عن تحمل المسؤولية، ولولا الإحراج من الشارع والانتقادات من الجماعة والحزب، لكان الرئيس أبقى على الدكتور كمال الجنزورى. لكنها متطلبات السياسة.
الجنزورى تسلم المسؤولية فى وقت صعب، وعمل وسط هجوم سبقه قبل تولى منصبه، ونجح فى ضبط الأوضاع نسبيا، وكان صريحا فيما يعلنه من بيانات وأوضاع اقتصادية صعبة، وواجه هجمات وحروبا من مجلس الشعب. وحتى بعد تولى الرئيس مرسى، فقد كان هناك من يتهم الحكومة بمقاومة مرسى، وعرقلة الرئيس، واتضح باعتراف الرئيس أن هذا غير صحيح. رغم أنها أصبحت حكومة تسيير أعمال، الأمر الذى تسبب فى حالة من الميوعة الحكومية، لاشك ستكون مسؤولية الحكومة القادمة أن تزيلها، ويأمل الناس أن تنتهى حالة الشكوى المستمرة من الصلاحيات، أو ادعاء وجود مقاومة داخل الأجهزة، فالرئيس هو المسؤول الأعلى وصاحب قرارات تعيين الحكومة وإعفائها. ويجب أن يحصل على فرصته كاملة، والحكومة يجب أن تحصل على فرصتها كاملة، خاصة أنه لا أحد يعرف مايكفى للحكم على وزير الرى هشام قنديل الذى أصبح رئيسا للحكومة.
ولن يستطيع أى شخص الحكم النهائى على الحكومة والوزراء، إلا بعد أن يبدأوا عملهم. المهم أن يجد الناس حكومة قوية، تطبق القانون بحسم، وتفرض الأمن وتواجه الانفلات والفوضى المستمرة. وتسارع لحل مشكلات الكهرباء والمياه، والوقود والخبز والدعم، وألا تكون مجرد حكومة تشكو من نقص الصلاحيات. أو يظل الكلام والادعاءات عن وجود أجهزة عميقة تمارس التخريب، وجهات عميقة تلعب فى الكهرباء. هناك من يبحث عن حجج لتبرير التأخر والتعثر. وهى حجج لم تعد صالحة ولا مناسبة، ولم يعد الرأى العام يقبلها. يجب أن يكون هناك نظام قوى، وحكومة تطبق القانون، وتعمل بسرعة وكفاءة لاستعادة هيبة الدولة.
وأول خطوة يمكن أن تفيد الحكومة والرئيس، هى المصارحة، وإعلان الحقيقة فيما يخص الوضع الاقتصادى والاجتماعى، وما نحتاجه وما نواجهه من مشكلات حقيقية، ساعتها سوف يصدق الناس الحكومة، أما البقاء فى حالة الغموض والشكوى، فإنها لاتجلب تعاطفا كما يتصور المتصورون، لكنها تجلب المزيد من الغضب والقنوط.
ليأخذ رئيس الحكومة فرصته، وليبدأ بالمصارحة وليس بالشكوى.