فى شوارع طهران، كانت كلمات: «مصر.. مرسى.. شفيق» حاضرة على ألسنة كل من نقابلهم من الإيرانيين، يرفعون إشارة النصر بأصبعهم، عند ذكر اسم مرسى، وإشارة للاستنكار عند ذكر اسم شفيق، والفعل كله يؤكد لك أن مصر حاضرة بقوة فى قلب الشارع الإيرانى، حاضرة بكل أخبارها، ويشمل الحضور أيضاً سؤال: «كيف يرى المصريون إيران؟».
استمعت لهذا السؤال فى المحلات التجارية ومن شباب فى الشارع، وكانت إجابتى أن الصورة المسبقة والأقرب للثبات فى أذهان المصريين، تتمثل فى أن المرأة الإيرانية تكاد تختفى تحت زيها الأسود، وأن الرجال يتركون لحاهم الطويلة، وأن المساجد أكثر من المساكن، وأنه لا شىء فى إيران أكثر من التفرغ للعبادة.
تم تصنيع هذه الصورة نتيجة للإلحاح الإعلامى الموجه بأن إيران دولة دينية وبعيدة عن العصرية، لكنك حين تزور هذا البلد ستلح عليك صورة جديدة، عن المرأة بجمالها اللافت مرتدية ثيابها بحرية شرط الاحتشام، وتشق طريق التحدى باقتحام مجالات العمل المختلفة، وتفوقها عدديا على الرجال فى التعليم الجامعى.
ستلح عليك صورة جديدة عن الحياة الاجتماعية النابضة بالحركة والإنتاج، عن نظافة الشوارع التى ستقنعك بأنك فى مدينة أوروبية وأنت تسير فى شوارع العاصمة طهران، أو شوارع أصفهان أكبر المدن التجارية فى إيران، وعن الخضرة التى تكسو الشوارع بالأشجار المرتفعة والحدائق المنتشرة فى كل مكان بصورتها الرائعة فى نظافتها ونظامها، فالدخول إلى هذه الحدائق مجانى، وممارسة الألعاب الرياضية للأطفال والكبار فيها مجانى، ورغم ذلك تبقى الحدائق ببهائها ونظافتها بعد خروج الناس منها، وبالمناسبة فإن هذه الحدائق ومنها حديقة الساعى أكبر حدائق طهران وأكثرها ضخامة وفخامة، هى وقف خيرى من أحد الإيرانيين.
ستلح عليك صورة جديدة عن السلوك المنضبط فى الحفاظ على الممتلكات العامة، وعن حركة المرور التى تسير دون ضجيج، وعن شوارع لا تجد فيها قمامة ومتسولين، ولا تجد فيها مشاجرات وانفلاتا، وبالطبع فإن ذلك ناتج من تطبيق القانون بحزم والذى يؤدى فى النهاية إلى انضباط سلوكى عام، وسيلح عليك سؤال: «لماذا لا يحدث ذلك فى مصر؟»
إيران تعيش التحدى فى مواجهة الهيمنة الأمريكية والغربية، بالعمل والإنتاج والاعتماد على الذات، وتلك قصة نتحدث عنها غداً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة