بمناسبة الرئيس مرسى ورئيس الحكومة الدكتور هشام قنديل وما يدور حولهما من تأييد أو رفض، يلفت النظر فى هذه الأجواء موقف الجبهة الوطنية، التى أبدت غضبا وأصدرت بيانات عبرت فيها عن بالغ «انصدامها» فى الرئيس وجماعته، لأنهم تخلوا عن اتفاقهم، الذى عقدوه معهم عشية انتخابات الإعادة للمرحلة الثانية عندما شكل بعض الشخصيات العامة جبهة على عجل، وذهبوا ليؤيدوا الدكتور مرسى، ويطالبوه بوعود بعد فوزه.
الجبهة الوطنية فى حد ذاتها من حكايات السياسة المسلية، فالسادة أعضاء الجبهة مع احترامنا لأشخاصهم لايمثلون إلا أنفسهم ولم يفوضهم أحد للاتفاق مع جماعة الإخوان، ولا مع الرئيس مرسى. ذهبوا ليؤيدوا مرشح الجماعة فى الإعادة ضد منافسه، بصفاتهم الشخصية وعلى مسؤولياتهم، وعندما ظهروا أمام الكاميرات بمحض إرادتهم كانوا يفعلون هذا من أجل ما يرونه مصلحة الوطن.
وبالتالى فلا يوجد سبب لغضبتهم وبياناتهم التى يعلنون فيها أن الرئيس خدعهم وضحك عليهم وتراجع عن وثيقة الشركة الوطنية التى تتضمن 6 بنود، أو يعودون ليقدموا للرئيس مطالب جديدة عن الحكومة وشكلها ومواصفات رئيس الوزراء. والصراحة أن ما يفعله أعضاء الجبهة من الإلحاح وإظهار أنهم تعرضوا للخديعة أمر مثير للتسلية. فالحقيقة أن أعضاء الجبهة كانوا يتصورون أمام الكاميرات كأفراد، وليس كممثلين عن أى تيارات أو اتجاهات وطنية، وعندما ذهبوا إلى الجماعة وعقدوا اتفاقات كانوا أفرادا يتفقون ولم يفوضهم أحد وكان هناك كثيرون فضلوا المقاطعة أو توجسوا من سوابق سياسية.. ناهيك عن أن فكرة الإخلال بالاتفاق واردة فى السياسة عموما، ومشهورة مع الجماعة بشكل خاص.
وعندما تحرك أعضاء الجبهة وتصوروا لم يفكروا فى استشارة أحد. فإذا كانوا ذهبوا كأفراد، ليتفقوا فليس لهم أن يبكوا من خداع الحليف. وكل ما حصلوا عليه أنهم قابلوا الدكتور بعد نجاحه، وسلموا عليه وتصوروا معه، وخرجوا باسمين مبسوطين، ومصرحين. ثم مرت الأيام القليلة، ليبدأ السادة أعضاء الجبهة أو اللجنة، فى البكاء على الاتفاق المسكوب، وعدم التزام الرئيس بوعوده، وضحكه عليهم. وحسب ما سربه بعض من جلسوا مع الجماعة فى اتفاق دعم مرسى، كان الأمر كله مجرد تحصيل حاصل، وأن الوعود عن الجمعية التأسيسية أو نواب الرئيس أو الفريق الرئاسى والحكومى كانت كلها مطالب من أعضاء الجبهة، لم يقابلها حماس من الجماعة. ثم إن هؤلاء الذين ذهبوا لم يكن وراء أى منهم أى تيار أو قوة تدعمه، فقط هم من نجوم السياسة، وبعضهم حديث عهد بالسياسة ولا يراها أكثر من استعراض.
وبعضهم صادق النوايا قليل الخبرة، وبعضهم لديه رغبات اشتياقية واستعراضية. ومثل هذه الجبهات تتكون على عجل وبلا ترتيب، ولهذا تتفسخ بمجرد تعرضها للهواء. وعند أول منافسة على الزعامة بين محدثى السياسة. وعليه فلا داعى لأن يبكى أعضاء الجبهة من خذلان الحبيب. وهم فعلوا هذا بمفردهم ولأنفسهم.