اسأل ضميرك.. هل الصورة التى تراها الآن للوضع المصرى هى نفسها التى رسمها خيالك وحماسك لمصر فى 25 يناير؟ هل الوضع الذى يعيشه الغنى قبل الفقير فى مصر الآن يناسب حجم الدماء التى سالت والأرواح التى صعدت للخالق سبحانه وتعالى والأطراف التى عجزت والعيون التى ضمرت أو انفجرت؟ هل من العدل أن يتم تحميل الإخوان المسلمين منفردين ذنوب ما نعيشه وما نخافه الآن؟ هل يجوز أصلا أن نرمى حمول الأخطاء الكارثية على كتف المجلس العسكرى المحصن بالسيوف والدبابير ونرفع أيدينا طالبين البراءة من المولى عز وجل؟
علامات الاستفهام لها الغلبة الآن، تطارد المصريين فى كل مكان وتصيبهم بالحيرة، والحيرة تأتى بالضغط والسكر والاكتئاب وأحيانا الجنون أو اليأس، وعلامة الاستفهام الكبرى فى الشارع تتعلق بمسار ثورة 25 يناير.. لماذا لا تسير على قضبانها الصحيحة؟ ومن المسؤول عن انحراف الثورة عن مسارها؟ والبحث عن إجابة هنا كان أسهل مما توقعت، ويمكنك أن تشاركنى قراءة ما كتبه الصديق والكاتب والطبيب النفسى الشهير الدكتور أحمد عبدالله لكى تتأكد من ذلك بنفسك.
وكأن الدكتور عبدالله سمع السؤال الخاص بمسار الثورة وانحرافه فجاءت إجابته سريعة قائلة: «الشاسيه أصلا.. راكب غلط»، وحتى تفهم ما يقصده الدكتور عبدالله بالشاسيه وتأثير ركوبه الخاطئ ركز مع ما يلى من كلام: «مش عارف إزاى بيحط المصريين قواعد تفكيرهم، وتصورهم السياسى؟ القواعد التى تجعلهم يقضون رمضان «عادى».. يعنى ياميش، وعزومات.. ومسلسلات.. وسهرات، بينما هم فى حالة.. أقل ما يقال عنها إنها: حالة حرب!
مين اللى لعب فى أساس دماغ المصريين.. ودفعهم للتصرف تجاه ما يجرى على أنه نموذج لأداء السياسة فى بلد طبيعى، أقصد من جعل الوضع فى مصر يبدو وكأن هناك ناسا معتقدة أنها أغلبية وتتصرف وفقا لهذا الاعتقاد، يقابلها فئة أخرى تتصرف بوصفها أقلية معارضة.
لأ.. وإيه.. الإعلام بقى بيخدم على التخريف ده، بل يساهم جدا فى إقناع الناس به، ويقوم باستعراض الآراء المختلفة، وبقية المجتمع بيتابع بقى، وبيساند، أو يعارض، أو يقاطع!!!! ما شاء الله! وطبيعى وسط هذه الهرتلات يقفز البعض ليجلب لنا أى خبرة أو نموذج من أى مصيبة، ويقولك: عاوزين نبقى زى دول، وهذا كله خداع لئيم خبيث، ومحض أوهام وهلاوس وخيالات تغذيها عقول بائسة، أو مريضة، أو ساذجة، أو شريرة!!!
نحن فى وضع حرب.. ثورة ضد سلطة ما زالت رابضة فى كل جحر وشق، نحن فى حالة دمار شامل منذ عقود.. نحن نسبح فى بحر من كراهية المحيطين بنا سواء ممن يخشون على عروشهم المستندة على القهر والتخلف والترف، أو مصالحهم الاستراتيجية فى نفط المنطقة، أو وجود إسرائيل!
فى وضعنا هذا حين نتصرف وفق التقسيمة الشهيرة مجموعة تمثل الأغلبية وأخرى تمثل المعارضة وثالثة تلعب دور الجمهور المتفرج، ونسترخى شهرا ننام فيه للمغرب، وننفق أكثر من مليار فى برامج شديدة السماجة، والضعف الفنى والموضوعى، فلابد أن يعى أحدنا أننا لسنا فى وضع ترف يسمح لنا بهذه الضلالات فى التفكير والممارسات!
الآن يناسبنا أكثر أن نتعلم من تجارب وخبرات أمم سبقتنا.. عاشت انهيارا تاما.. وتعاملت مع وضعها لتبنى من تحت الصفر، فى ظروف غير مواتية.. فلا موضع للهزل، ولا الهرتلة.. أو ما هو حاصل من عبط، أو استعباط!!
الكلام السابق يحمل أكثر مما تتوقع يا صديقى، ركز معه وقم بتفصيصه وحاول أن تستوعب حجم الكارثة التى نعيشها وحجم الأكاذيب ومسلسلات الخداع التى يلعبها أهل السياسة على جسد هذا الوطن الذى يحتاج إلى غرفة عناية مركزة وزوار مترابطون يدعون له ويخططون ويسهرون لاسترجاع عفيته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة