وائل السمرى يكتب: فقهاء التنوير.. ابن حزم الأندلسى.. إمام الحب والحرية..لم يعترف إلا بالكتاب والسنة ونهى عن تقليد أى إنسان حتى لو كان صحابيا وأحل الموسيقى واعتبرها من نعم الله على عباده

الإثنين، 30 يوليو 2012 09:27 ص
وائل السمرى يكتب: فقهاء التنوير.. ابن حزم الأندلسى.. إمام الحب والحرية..لم يعترف إلا بالكتاب والسنة ونهى عن تقليد أى إنسان حتى لو كان صحابيا وأحل الموسيقى واعتبرها من نعم الله على عباده ابن حزم الأندلسى
بقلم وائل السمرى _ نقلاً عن العدد اليومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء


◄قال: لا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع المزينون لأهل الشر شرهم

◄أعطى العبيد والجوارى كافة الحقوق وأباح للعبد الزواج من أربعة وألزم الدولة بمساعدته فى التحرر من الرق وساوى بين الرجل والمرأة

شاعر يرى العالم بقلبه ووجدانه، حالم بعالم حر يتساوى فيه الفقير والغنى والعبد والسيد، فقيه فى دينه صلب فى محاوراته بما أعجز عنه خصومه وأعيا مناوئية، صابر على الابتلاء صامد فى وجه الظلمة الظلماء، محبا للحياة بألوانها وتناغمها وتراحمها، مؤمن بقدرة الإنسان وحريته فى أدق تفاصيل الحياة وأحرجها، هو ذلك الفقيه الذى أذل الملوك وما أذلوه، وأخضع أعوان الظلمة وما أخضعوه، هو ابن حزم الأندلسى أكبر وأهم أعلام المذهب الظاهرى الذى فرق به بين الحق والباطل، وأثرى به الفقه الإسلامى مضيفا للفكر الإسلامى بعدا جديدا جديرا بالاحتفاء والاحترام.

نشأة ابن حزم «384هـ: 456هـ» فى عصر الدويلات الإسلامية بالأندلس جعلت فى قلبه ميلا دائما للتوحد حول المفاهيم النقية للدين الإسلامى بروحه الرحبة وحرصه على إنسانية الإنسان وتفردها، ولأنه نشأ فى دولة الحضارة والعلم والفلسفة والجمال كان لذلك أكبر الآثار فى رؤيته للحياة والفقه، فكان يرى أن الإسلام دين الحياة لا يتعامل مع الإنسان باعتباره كما مهملا، لكن باعتباره سيدا للعالم، حرا فى اختياراته، واعيا فى إدراكاته، مسؤولا عن قراراته، وبالطبع لم يكن هذا التوجه ليعجب الأمراء والملوك الذين كانوا يشبهون إلى حد بعيد ملوك ورؤساء أيامنا هذه، فقد كانوا يتنمرون على الكتاب والمفكرين ويتصاغرون أمام أعداء الأمة المتآمرين عليها والمتربصين بها، حتى قال الشاعر فيهم: مما يزهدنـى فى أرض أندلس ألقاب معتضـد فيها ومعتمـد/ ألقاب مملكة فى غير موضعها كالقط يحكى انتفاخا صولة الأسد.

كانت هذه هى الأجواء التى نشأ فيها ابن حزم، وقد اختبرته الحياة بتجاربها القاسية فانعكس ذلك على سلوكياته، فللتجارب القاسية فعلان، الأول إذا ما صادفت نفسا ضعيفة قهرتها وحولتها إلى دمية فى يد الزمان، وإن قابلت نفسا قوية راسخة صقلتها وثقلتها وحولتها إلى ظاهرة يتحاكى بها القاصى والدانى، وكان الإمام ابن حزم من النوعية الثانية، التى ما زادها تقلب الأحوال وانقلاب الممالك وضياعه بعد وفاة أبيه الذى كان وزيرا إلا رسوخا وقوة، فاعتمد على عقله وطور من ملكاته وقدراته ومعلوماته، وزاد فى تحصيله للعلم حتى أصبح محيطا بأغلب علوم عصره، فدرس بجانب العلوم الدينية واللغوية علوما دنيوية كثيرة أفادته فى معرفة خصائص الطبيعة ودخائل النفس الإنسانية، فدرس الفلسفة واطلع على كتب الأدب والشعر المترجمة، كما درس الخطابة والفلك والفراسة، بالإضافة إلى الرياضيات وما اشتق منها من كيمياء وفيزياء، كما نهل من منابع الحضارة العربية بكل ما أوتى من قوة، فدرس الشعر ووقف على صفحات التاريخ ووعى الحكمة من أيام العرب وحروبها.

وتلقى الإمام ابن حزم أول ما تلقى من علوم الدين الفقه المالكى، فى وقت ساد فيه فقه مالك فى أغلب ربوع الأندلس، لكنه سرعان ما تمرد عليه مجاهرا بخلافه مع شيخه فى أحد المسائل الفقيه، ولأن عوده لم يكن قد اشتد بعد، هزمه الشيخ فى أول مناظرة فقهيه له، لكن على ما يبدو أن هذه هى المناظرة الأولى والأخيرة التى يهزم فيها الإمام ويبهت أمام مناظره، ولم يكن ابن حزم ليفوت هزيمته دون أن يردها، فاستعد جيدا لشيخه وناظره ثانية فظهر عليه أمام أقرانه، لكن ما لا شك فيه هو أن الإمام لم يضع نفسه بهذا الموقف من باب الاستعراض على شيخه أو تطاوله عليه، لكنه كان دائم البحث عن أسباب انحدار عصره موقنا أن فساد الكل ينعكس على فساد الجزء، وفساد الجزء ناتج بالضرورة من فساد الكل.
ولأن روحه الطلوق لم تكن لتقنع بتعاليم مذهب واحد مهما كان عظيما، فقد تقلب بين مذاهب السنة ودرس المذهب الشافعى وأعجب فيه بتمسك الشافعى بنصوص السنة وأحكام القرآن الكريم، وفى وجهة نظرى فقد أعجب الشيخ بقدرة الإمام الشافعى على استخلاصه لنفسه مذهبا يضاهى مذهب أساتذته «أبى حنيفه ومالك» ولكنه بعد أن تقلب بين المذاهب وعرفها وخبرها اختط لنفسه منهجا آخر، مخالفا كل ما درسه من فقه ومفيدا من خبراته المتراكمة، فاختار طوعا أن ينتهج منهج الإمام داوود الأصفهانى صاحب المذهب الظاهرى، ولما عاتبه أحد أصدقائه لهجرانه المذهب المالكى وهجومه عليه قال له إن المسيح عليه السلام حينما سئل من هو المخلص فقال: «المخلص من إذا عمل خيرا لا يهمه أن يحمده الناس».

ولأن اختيارات الإنسان واقتباساته هى شخصيته الحقيقة فقد دلنا الاقتباس السابق الذى ساقه الإمام ابن حزم على لسان نبى الله عسى ابن مريم على أن الإمام منذ بداية رحلته مع المذهب الظاهرى لم يكن يهتم إذا مدحه أحد أم لا، وطبيعى أن من لا يكترث بمدح الناس لا يأبه بانتقاداتهم، وهذا دليل آخر على قوة شخصية الإمام ومتانتها، وصلابة عزيمته وتحصنها، فوقف الإمام وحيدا، لا يستوحش الطريق لقلة سالكيه، معلنا أخذه بالمنهج الظاهرى الذى لا يعترف بالقياس ولا التعليل ولا التقليد ولا إبداء الرأى، مسقطا عن الكهنة أقنعتهم ورافضا احتكارهم التحدث باسم الدين وأجاز لكل فاهم للعربية أن يتكلم فى الدين بظاهر القرآن والسنة، مخالفا فى فقهه المذاهب الأربعة «المالكى والحنفى والشافعى والحنبلى» قائلا إن هؤلاء الأئمة قد عنوا بالاستنباط من الكتاب والسنة بينما هو يأخذ أحكامه من الكتاب والسنة مباشرة، وفى حين أخذ كل الأئمة بقول الصحابة وأحكامهم امتنع ابن حزم عن تقليدهم فى آرائهم، حتى لو كان صحابيا، وكان لا يصرح لأحد أن يقلد أحدا حتى لو كان صحابيا.

ولم يكن الإمام ابن حزم مبتدعا فيما قاله، وإنما كان يتبع قول رب العزة «اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون» ومن قوله تعالى «وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا» وحينما قال له البعض إن الله يأمرنا بأن نأخذ العلم عن أهل الذكر قال لهم إن الله عرف الذكر فى القرآن الكريم وهو القرآن الكريم نفسه وهو السنة النبوية المشرفة وذلك حينما قال: «وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم» وإمعانا فى كسر هيمنة أتباع المذاهب المتفرقة خاصة المذهب المالكى والذين أصبحوا كهنة جددا يتبركون بعباءة أئمتهم ويستسقون بها أوجب الإمام ابن حزم الاجتهاد حتى على الرجل العامى، قائلا فإن قالوا لك لا نقدر على الاجتهاد كذبوا فما يعجز أحد عن أن يسأل عن حكم الله ورسوله فى أى مسألة يفتيه فيها العالم، وبهذا أوجب على أى سائل أن يتحرى عن الأسس التى أفتى بها مفتيه.

وعلى هذا فقد أسقط ابن حزم الإفتاء بالرأى والقياس والاستحسان ما عدا «الكتاب والحديث» قائلا: إن من أفتى بالرأى فقد أفتى بغير علم ولا علم إلا القرآن والحديث» مستدلا على رجاحة رأيه بالآية التى تقول: «ما فرطنا فى الكتاب من شىء» وقوله تعالى: «فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر» ويبرهن الإمام لرأيه أيضا بالاستدلال على ما أقر به جميع الأئمة من كراهة للفتوى وهو ما ثبت عنهم جميعا باختلاف طفيف فى طرائق التعبير يكفى مثلا أن نتذكر قول الإمام مالك «والله لوددت أنى ضربت بكل مسألة أفتيت فيها برأيى بسوط وسوط.. وليتنى لم أفت بالرأى».

وعلى هذا النحو أنتج الإمام كتبا غاية فى الأهمية فى تاريخ الفقه الإسلامية متبعا المنهج الظاهرى، منها كتاب الإحكام فى أصول الأحكام، وكتاب إبطال القياس والرأى والاستحسان والتقليد والتعليل، وكتاب «مسائل أصول الفقه» وكتاب «الإجماع ومسائله على أبواب الفقه» وكتاب «كشف الالتباس ما بين الظاهرية وأصحاب القياس» وكتاب المحلى بالآثار فى شرح المجلى باختصار» وهو من أهم كتبه وأشملها، ويبدو أن الأمام كان مجبرا على هذا الاتجاه لما رآه بعينه من تلاعب الفقهاء بالنصوص الإسلامية وإهمالهم لها، فى سبيل إعلاء رأيهم الذى كان فى الغالب ينفذ رغبات الحكام وأهوائهم، فقد شهد هذا العصر انتهاكا لحرمة القضاء بشكل مريب، وانتشرت ظاهرة تأجير منصب «القاضى» بما يسمى «الضمان» والضمان هو أن يدفع القاضى مبلغا ماليا مقدما كل سنة أو كل شهر للوالى ليضمن ألا يعزله، صار ذلك أمرا مألوفا كما صاروا يضمنون الشرطة والحسبة وكان هذا بداية ما قال عنه أحد المؤرخين «خراب الفقه بل الإسلام، ففساد الدين الطمع، وصلاحه الورع».

والناظر إلى هذا التوجه فى الفقه الإسلامى ربما يتوهم أنه كان توجها ضيقا وذلك لعدم اعترافه بأى شىء سوى النص، لكن فى الحقيقة فقد كان ابن حزم من أكثر الفقهاء اعتدالا وإدراكا لمتغيرات العصر وانفتاحا على فهم النصوص الإسلامية، فهو يرى مثلا أن الموسيقى ليست محرمة على الإطلاق، بل يرى أن الاستماع إلى الموسيقى مباح مثل التَّنَزُّه فى البساتين ولبس الثياب الملونة، أما الأحاديث التى وردت فى النهى عنها فيقول ابن حزم إنها ليست صحيحة فى مجملها وإن أغلب الأحاديث التى حرمت الموسيقى إما موضوعة أو منقطعة واحتج على مخالفيه بحديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن جاريتين كانتا تغنيان فدخل أبو بكر فنهرهما وقال: أبمزمور الشيطان فى بيت رسول الله فقال الرسول: «دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد». ومن المعلوم أن العيد لا يحل الحرام. وقد رد بعضهم الاستدلال بهذا الحديث بأن هذا غناء بلا آلات. وهذا خطأ لقوله: أبمزمور الشيطان؟ إذن هى مزامير. ولو قبلنا أن المقصود هنا هو الدف لتوجب أن تحمل النصوص التى يحتج بها المحرمون على نفس المحمل، وهكذا أخذ يفند الأحاديث واحدا تلو الآخر، حتى إنه رد الحديث الذى رواه البخارى معلقا فى صحيحه وقال إنه معلق وغير مسند. والمعروف أن المعلق نوع من الضعيف.

بالسنة النبوية المشرفة الصحيحة، وبكتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أنشأ ابن حزم توجهه الذى أعلى فيه من قيمة الإنسان وقدس فيه كونه خليفة الله على الأرض معتبرا حرية الإنسان وتحرير إرادته أسمى آيات الإسلام، فكان يؤمن أشد الإيمان بمبدأ حرية الإنسان ومسؤوليته على أفعاله، متحديا بذلك مدعى الجبرية، ومحتجا عليهم كعادته بكتاب الله وسنته، ومؤكدا أن الإنسان صحيح الجوارح يتحكم فى أفعاله وحركاته بينما الجبرية تعنى أن الإنسان لا يستطيع أن يتحكم فى أفعاله وهو ما تكذبه الطبيعة.

وانعكست نظرية الحرية تلك التى ساقها متحديا مدعى الجبرية على فقه الإمام وأحكامه التى استخرجها من القرآن، ويعد موقفه من مسألة العبودية سابقا لعصره بمئات السنين، فقد دعا إلى عتق العبيد والجوارى بكل الطرق الممكنة فاتحا باب العتق وموجها الدولة إلى لعب دور كبير فى هذا الشأن، وكان يؤكد أن العبيد لا يختلفون عن الأحرار فى شىء ولهم ذات الحقوق، بل قال فى أكثر من موضع إن من العبيد أتقياء وصالحين، وأفضل كثيرا من الأحرار، ولفتح باب التحرر من الرق أفتى بأنه إذا رغب عبد فى تحرير نفسه فعلى مالكه أن يساعده على ذلك ويحرم عليه أن يمنعه من التحرر، مستشهدا بالآية الكريمة التى تقول: «والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم مال الله الذى آتاكم» والأكثر من ذلك أنه أقر بحق العبيد فى الزواج من أربعة نساء، كما أجاز لهم أيضا أن يمتلكوا جوارى يتسرون بهن، قائلا إن الله حينما قال «فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع» لم يخصص عبدا من حر فى ذلك، وكذلك الأمر فى شأن حق العبد فى امتلاك جارية، وبهذا فتح ابن حزم الباب لعتق العبيد من الرق بشتى السبل كما أنه ساوى بينهم وبين الأحرار فى الواجبات، غير أنه احتفظ لهم بمزية أن يعاقبوا نصف العقوبة إن أخطأوا وذلك لأن النص القرآنى أقر بذلك صراحة.

هكذا يجلو ابن حزم وجه الحقيقة الإيمانية الكبيرة ألا وهى أن «الإسلام دين الحرية» فقد عمد بكل السبل إلى تخليص البشرية من العبودية وصدر للعالم صورة الإسلام المضىء المبهر، ومن يطلب الحرية للغير فمن المؤكد أنه يطلب الحرية لنفسه، ولهذا نرى ابن حزم يتيح لنفسه حق الاختلاف مع أستاذه «أبا داوود الأصفهانى» فى كثير من المسائل مبررا ذلك بالقول «أبوسليمان داوود شيخ من شيوخى إن أصاب الحق فنحن أتباع للحق، وإن أخطأ اعتذرنا له واتبعنا الحق حيث فهمناه» وبناء على هذا التوجه أفتى ابن حزم بأن للمرأة كامل حقوق الرجل ولها أن تعمل مثلما يعمل الرجل فى كل المناصب من الحسبة إلى القضاء، عدا تولى إمامة المسلمين، لكن ما عدا ذلك فهو حق لها وعلى المجتمع أن يعينها على ذلك، كما أفتى بوجوب تقديس حرية الإنسان حتى وهو على فراش الموت، مقرا حقه فى أن يهب من يشاء من ثروته أو يوصى لمن يشاء بها أو يتزوج أو يطلق، وبالتوازى مع هذا التوجه المتحرر أفتى الإمام بأنه يحرم على أصحاب الآبار أى المستحوذين عليها أن يمنعوا الناس عنها ولهم فقط أن يأخذوا منها ما يسد حاجاتهم، كما أفتى بتحريم تأجير الأرض الزراعية وقال إن النظام الأمثل لاستغلالها هو المزارعة أو المشاركة، وهو ما جعل البعض يقولون إنه فى هذا التوجه «ينزع منزع الاشتراكية»

وبالطبع فقد انعكس هذا التوجه الحر على مواقف الإمام السياسية، فقد جاهر بنبذ الظلم والهجوم على ملوك الطوائف قائلا: إن كل مدبر «أى والى» مدينة أو حصن فى شىء من أندلسنا هذه أولها عن آخرها خراب، محارب لله تعالى ورسوله وساع فى الأرض بفساد، يشنون الغارات على أموال المسلمين، ويبيحون لجندهم قطع الطريق، يضربون المكوس والجزية على رقاب المسلمين».. وقال ابن حزم فى رسالته: لا تغالطوا أنفسكم ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع المزيفون لأهل الشر شرهم الناصرون لهم على فسقهم.

وكنتيجة طبيعية لكل هذا الوعى المتفتح، وكل هذه الشجاعة الخارقة فى نقد الذات ونقد الآخر، استعدت آراء ابن حزم عليه الكثير من فقهاء السلطان فأخذوا يكيدون له حتى نالوا منه بأكبر عقوبة من الممكن أن تنزل على فقيه أو مفكر، لكن الإمام القوى الذى لم يقدر على أن يقف أمام شجاعة عقله أحد استهزأ بهذا الفعل أيما استهزاء، فسخر من مناصبيه العداء منشدا من شعره أبياتا حفظها التاريخ بكل فخر مثلما حفظ فقهه فقال الإمام:
إن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذى/تضمنه القرطاس بل هو فى صدرى
يسير معى حيث استقلت ركائبى/وينزل إذ أثوى ويدفن فى قبرى









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة