بعد أكثر من نصف قرن من الحكم العسكرى وبعد أكثر من ثلاثين سنة من الفساد والإفساد يحق لنا أن نقول إننا وصلنا إلى «سلطة الرئيس المنتخب من الأمة» مهما كنا مختلفين أو متفقين مع القوة الشعبية السياسية المحترفة التى أوصلت مندوبها إلى كرسى الرئاسة.
وصل الدكتور محمد مرسى لكرسى الرئاسة عبر صندوق الانتخاب من الشعب المصرى، وسبقه قبل الوصول مشروعه الذى قدمه للأمة، ومن المفروض أن السبب الحقيقى الذى انتخبه الشعب المصرى له هو تنفيذ مشروعه الذى أطلق عليه «مشروع النهضة» وتنفيذ أهداف ثورة 25 يناير المجيدة التى صاغها الثوار والشهداء فى الشعار الخالد «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية»، هذا المشروع الذى من المفروض أن الرئيس مرسى قد انتخب على أساسه يؤكد على «تمكين الشعب والمجتمع ووضع مقدراته فى يديه لا فى يد طغمة فاسدة أو روتين حكومى فاسد لا يرحم ويستهدف الوصول إلى إنسان مصرى مطمئن بربه، مطمئن بأسرته، آمن فى عمله وبيئته ومجتمعه، وإلى مجتمع لا تغلبه على إرادته دولة غاشمة ولا نظام فاسد ولا قوة خارجية، يحتل مكانته المستحقة بين الأمم، مسلحا بقيمه السامية وبالعلم والفكر فى زمن اقتصاد المعرفة وعصر الابتكار، ودولة تمكن الناس من فرص التعليم والصحة والعمل والاستثمار وبناء الأعمال، وتدافع عن حقوقهم وكرامتهم داخل الوطن وخارجه».
ولتنفيذ ذلك على أرض الواقع فقد قال الدكتور «ممتاز السعيد»، وزير المالية، إن خطة الـ100 يوم للحملة الرئاسية للدكتور محمد مرسى، التى شرع فى تنفيذها، من المقرر أن يتم وضع الجدول الزمنى ومحاور التطبيق وآليات العمل بها من قبل مؤسسة الرئاسة، موضحا أنه سوف تتحمل الموازنات الداخلية للقطاعات والجهات الرسمية المعنية بمحاور الخطة المذكورة، مثل وزارة الداخلية والأحياء والمحافظات ووزارة التموين والتجارة الداخلية، التكاليف المالية لهذه الخطة من اعتمادات موازنات كل منها للعام المالى الجديد، وقد حدد الرئيس فى مشروع الـ100 يوم أولوياته بأنها: «المرور ورغيف الخبز وأزمة الطاقة والأمن والنظافة والبطالة والصحة والعدالة الاجتماعية»، وهى تمثل أكبر ومعظم المشكلات التى يعانى المواطن المصرى منها، بداية من أزمة المرور والتكدس وصولا لأزمة الخبز التى يتساقط بسببها المصريون أمام المخابر غارقين فى دمائهم بسبب المشاجرات من أجل الحصول على رغيف خبز يطعم به أطفاله، وسيدات كما جاء فى الصحف المصرية «تسقطن مغشيا عليهن مطعونة إحداهن بسكين بسبب الشجار على أسبقية الحصول على الخبز، وهى أزمة كبيرة، خاصة أن مصر تستورد ما يقرب من %70 من احتياجاتها من القمح، وتلك الأزمة تحتاج لمجهود كبير وقوانين قابلة للتنفيذ والصرامة فى تنفيذها على كل من يخالف تلك القوانين فى ظل قيام أصحاب مخابز بتهريب الدقيق وبيعه بالسوق السوداء على حساب المواطنين»، نتحدث اليوم فقط عن أول أهداف الثورة «العيش» الذى يعنى وصول رغيف من الخبز يليق بالآدمية لكل مواطن وكوب من الحليب لكل طفل من أطفال المصريين، والـ«عيش» يرمز بوضوح بات لكل ما تعنيه كلمة الغذاء الضرورى لحياة المواطنين جميعا، ولا شك أن «اللحم» هو العمود الفقرى للغذاء البشرى، وأذكر أننا فى انتفاضة الطلبة سنة 1968 التى احتفى بها الرئيس عندما قال عن التضحيات التاريخية للقوى الوطنية وعن رجال الستينيات: «الستينيات وما أدراك ما الستينيات» كنا نهتف: «سيد مرعى يا سيد بيه.. كيلو اللحمة بقى بجنيه»، وكان قبلها بـ 68 قرشا، أما فى سنة 1960 وعندما كنت فى قريتى «منية جناج» التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ كانت «اللحمة» تباع بالرطل بسعر 25 قرشا للرطل، وكان عم «إمام الحيطى» الجزار قبل أن يذبح البقرة أو الجاموسة يجعل بعض مساعديه يجرون البقرة أو الجاموسة فى كل أنحاء القرية يعرضونها مستعرضين جمالها وصحتها على الأهالى وينادون: «بكرة من ده بربع جنيه»، فهل يحقق برنامج الـ100 يوم للرئيس رغيف الخبز وكوب الحليب؟ وهل نسمع نداء: «بكرة من ده بربع جنيه؟» وذلك حتى يتحقق الـ«العيش» كهدف أول من أهداف ثورتنا المجيدة الخالدة: عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة