كتبت أثناء الانتخابات البرلمانية مدافعا عن بقاء مجلس الشورى كجناح ثان للمؤسسة البرلمانية فى مصر بشرط تطويره ومنحه اختصاصات وسلطات تشريعية واضحة لإثراء الحياة البرلمانية على غرار الدولة الديمقراطية الحديثة، حتى لا يستمر الانطباع السائد عنه منذ أن قرر إنشاءه الرئيس الراحل أنور السادات فى إبريل 1979، بأنه مجلس للمجاملات الشخصية والسياسية وللوجاهة وللتسلية فى وقت الفراغ بكلام لا معنى له ولا يؤخذ به.
المصريون ينظرون إلى مجلس الشورى على أنه مجلس لا يقدم ولا يؤخر ولا تأثير له فى الحياة السياسية وعبارة عن باب سرى «لسبوبة» ومرتبات ترهق ميزانية الدولة، ولا يسمع بجلساته أحد إلا عند مناقشة تغييرات المؤسسات الصحفية القومية.
وفى سرية بالغة أجريت انتخابات الشورى بداية العام الجارى «على قديمة» وبنفس طريقة الحزب الوطنى المنحل وبدلا من سيطرة الأغلبية من الوطنى فى السابق سيطرت أغلبية إخوانية وسلفية بعد ثورة يناير ولم يتغير المجلس ولم تناقش اختصاصاته وسلطاته ووظيفته السياسية، رغم أنه كلف الدولة فى انتخاباته ما يقرب من مليار ونصف المليار جنيه، إضافة إلى أن نشاطه الوهمى يتكلف 400 مليون جنيه سنويا.
المجلس المطعون فى دستوريته والمعرض للحل طوال الشهور الماضية لم يجد عملا له يبرر لأعضائه المكافآت والحوافز والبدلات التى يتحصلون عليها -اللهم لا حسد- سوى بالانتفاض والاستقواء على المؤسسات الصحفية المسكينة التى رأى المجلس الحالى بأغلبيته الإخوانية أنها إصبحت إرثا شرعيا بعد وفاة الحزب الوطنى وانهيار دولته وقيام دولة الإخوان الجديدة التى تتعجل الاستحواذ والسيطرة على كل شىء بما فيها المؤسسات القومية وإدخالها حظيرة الإخوان السياسية من خلال وضع شروط لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية وهى المهزلة التى تشاهدها تلك الأيام وتواجه بعاصفة احتجاج من المجتمع الصحفى. فهل تخلصنا من طغيان الوطنى لنقع فى فخ طغيان آخر باسم الأغلبية الجديدة اختارت لجنة رئيسها اسمه فتحى شهاب الدين لاختيار رؤساء التحرير والوقوف أمامه فى طابور وفقا للشروط التى وضعتها لجنته.
ما هذا العبث بالصحافة المصرية ومستقبلها، وما هذا الهراء فى التعامل مع مؤسسات لعبت دورا محوريا فى الإشعاع الثقافى والفكرى والاجتماعى والسياسى فى الوطن العربى، وعلى رؤساء تحريرها الوقوف على باب «فتحى» ليحدد مصيرها ومستقبلها..! أوقفوا هذا العبث والتهريج من مجلس لا قيمة ولا دور له.